للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التى أريد إثباتها (إما ممكنة كقوله (١) يا واشيا حسنت فينا إساءته، نجّى حذارك) أى حذارى إياك (إنسانى) أى إنسان عينى (من الغرق ...

===

من حيث إنه إذا لم يتوصل إليه إلا بالقتل ارتكبه وصف له بكمال الشجاعة أيضا حتى ظهرت للحيوانات العجم أى: الغير الناطقة التى هى الذئاب ووصف له أيضا بأنه لا تستفزه العداوة على القتل لحكمه على نفسه وغلبته إياها فلا يتبعها فيما تشتهى وأنه لا يخاف الأعداء، لأنه قد تمكن بسطوته منهم حيث شاء.

(قوله التى أريد إثباتها) أى بالعلة

(قوله: إما ممكنة) أى: فى نفسها أى: مجزوم بانتفائها لكنها ممكنة الحصول فى ذاتها

(قوله: كقوله) أى: الشاعر وهو مسلم بن الوليد

(قوله: يا واشيا) أى: يا ساعيا بالكلام بين الناس على وجه الإفساد

(قوله: حسنت فينا إساءته) صفة لواشيا والمراد بإساءته إفساده أى: حسن عندنا ما قصده من الإفساد فحسن إساءة الواشى هو الصفة المعللة الغير الثابتة وعللها بقوله نجى حذارك إلخ أى:

لأجل أن إساءتك أوجبت حذارى منك فلم أبك لئلا تشعر بما عندى ولما تركت البكاء نجا إنسان عينى من الغرق بالدموع فقد أوجبت إساءتك نجاة إنسان عينى

(قوله: أى حذارى إياك) أشار بذلك إلى أن الإضافة فى حذارك من إضافة المصدر إلى المفعول والفاعل محذوف وهو تارة يتعدى بنفسه كما فى البيت وتارة يتعدى بمن فيقال حذارى منه يعنى أن محبوب الشاعر كان متباعدا عنه فكان ذلك الشاعر لا يقدر على البكاء لفراق محبوبه خوفا من أن يشعر بذلك الواشى فيأتى له ويقول له كيف تبكى على فراقه وهو صفته كذا، ويقول فيك كذا وكذا، والحاصل أن الشاعر يقول إنما حسنت إساءة الواشى عندى، لأنها أوجبت حذارى منه فلم أبك لئلا يشعر بما عندى ولما تركت البكاء نجا إنسان عينى من الغرق فى الدموع فقد أوجبت إساءته نجاة إنسان عينى من الغرق فى الدموع وغرق إنسان العين فى الدموع كناية عن العمى.


(١) البيت لمسلم بن الوليد فى ديوانه ص ٣٢٨، والطراز ٣/ ١٤٠ والمصباح ٢٤١، وفى الشعر والشعراء ٢/ ٨١٥ وطبقات الشعراء ص ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>