لما فيه من المدح على المدح والإشعار بأنه لم يجد صفة ذم يستثنيها فاضطر إلى استثناء صفة مدح وتحويل الاستثناء إلى الانقطاع (و) الضرب (الثانى) من تأكيد المدح بما يشبه الذم (أن يثبت لشىء صفة مدح وتعقب بأداة استثناء) أى بذكر عقيب إثبات صفة المدح لذلك الشىء أداة استثناء (تليها صفة مدح أخرى له) أى لذلك الشىء (نحو أنا أفصح العرب بيد أنّى من قريش) ....
===
بعد ما توهم الاتصال من مجرد ذكر الأداة
(قوله: لما فيه) أى لما فى الاستثناء من المدح أى من زيادة المدح على المدح، فالمدح الأول المزيد عليه جاء من نفى العيب على جهة العموم، حيث قال لا عيب فيهم، إذ من المعلوم أن نفى صفة الذم على وجه العموم حتى لا يبقى فى المنفى عنه ذم مدح، والمدح الثانى المزيد إشعار الاستثناء لصفة المدح بأنه لم يجد صفة ذم يستثنيها؛ لأن الأصل فى الإتيان بالأداة بعد عموم النفى استثناء الإثبات من جنس المنفى وهو الذم، فلما أتى بالمدح بعد الأداة فهم منه أنه طلب الأصل الذى ينبغى ارتكابه، فلما لم يجد ذلك الأصل الذى هو استثناء الذم اضطر إلى استثناء المدح، وحول الاستثناء عن أصله إلى الانقطاع
(قوله: فاضطر إلخ) أى لأجل تتميم الكلام، وإلا كان الكلام غير مفيد لأنه إذا قيل لا عيب فيهم غير لم يكن مفيدا.
(قوله: وتعقب) أى تلك الصفة بأداة استثناء
(قوله: تليها) أى تلى تلك الأداة وتأتى بعدها
(قوله: له) أى: كائنة لذلك الشىء الموصوف بالأولى وظاهره، سواء كانت الصفة الثانية مؤكدة للأولى ولو بطريق اللزوم كما فى المثال الأول، أو كانت غير ملائمة لها كما فى قوله الآتى (هو البدر إلا أنه البحر زاخرا) وذلك لأن تأكيد المدح يحصل بمجرد ذكر الصفة المدحية ثانيا، ولو لم تكن ملائمة للأولى لحصول المدح بكل منهما
(قوله: نحو أنا أفصح العرب بيد أنّى من قريش)(١) وجه تأكيد المدح فى هذا أن إثبات الأفصحية على جميع العرب تشعر بكماله، والإتيان بأداة الاستثناء بعدها يشعر
(١) لا أصل له ومعناه صحيح، أورده الشوكانى فى الفوائد المجموعة والعجلونى فى" كشف الخفاء" ١/ ٢٠١، وقال: قال فى اللآلى: معناه صحيح ولكن لا أصل له كما قال ابن كثير وغيره من الحفاظ، وأورده أصحاب الغريب ولا يعرف له إسناد.