للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالمدح والذم مثلا ولا يكفى مجردا احتمال معنيين متغايرين (كقول من قال لأعور/ ليت عينيه سواء) يحتمل تمنى صحة العين العوراء فيكون دعاء له والعكس فيكون دعاء عليه قال (السكاكى منه) أى ومن التوجيه (متشابهات القرآن باعتبار) وهو احتمالها لوجهين مختلفين وتفارقه باعتبار آخر وهو عدم استواء الاحتمالين ...

===

(قوله: كالمدح والذم) أى وكالسب والدعاء

(قوله: ولا يكفى مجرد احتمال معنيين متغايرين) أى: كما يوهمه كلام المصنف فهو اعتراض عليه، أى فلو قيل رأيت العين فى موضع، فإنه يحتمل على السواء أن يراد العين الجارية وعين الذهب والفضة، وليس من التوجيه لأن المعنيين متغايران ولا تضاد بينهما لجواز اجتماعهما،

(قوله: كقول من قال لأعور) أى خياط يسمى عمرا وذلك القائل هو بشار بن برد، وقوله

ليت عينيه سواء (١)

عجز بيت وصدره:

خاط لى عمرو قباء

وهذا البيت من مجزوء الرمل وبعده:

فاسأل الناس جميعا ... أمديح أم هجاء

روى أن بشارا أعطى لخياط أعور اسمه عمرو ثوبا ليخيطه له فقال له الخياط لأخيطنه بحيث لا يعلم أقباء هو أم غيره، فقال له بشار لئن فعلت ذلك لأقولن فيك شعرا لا يدرى أهجاء أم غيره، فلما خاط الخياط ذلك الثوب قال بشار ما ذكر فى البيتين، فإن قلت الظاهر أن الشاعر أراد المدح لأنه بإزاء خياطة وهى الإحسان، ومقابل الإحسان يكون إحسانا فلم يستو الاحتمالان، وحينئذ فلا يتجه عدد من التوجيه، قلت أراد استواء الاحتمالين بالنظر لنفس اللفظ وإن ترجح أحد الاحتمالين بالنظر للقرينة، على أن كون الشعر فى مقابلة الخياطة لا يعين كون الشاعر أراد المدح، لاحتمال أن يكون أفسد الخياطة بالإبرة فدعا عليه، وسمى الدعاءين مديحا وهجاء، نظرا لكون المدعو


(١) البيتان من الرمل وهو لبشار بن برد فى خياط أعور وهو فى الإيضاح ص ٥٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>