للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن أحد المعنيين فى المتشابهات قريب والآخر بعيد لما ذكر السكاكى نفسه من أن أكثر متشابهات القرآن من قبيل التورية والإيهام ويجوز أن يكون وجه المفارقة هو أن المعنيين فى المتشابهات لا يجب تضادهما ...

===

له يستحق أن يمدح بموجب الدعاء له، والمدعو عليه يستحق أن يذم ويهجى بموجب الدعاء عليه

(قوله: لأن أحد المعنيين فى المتشابهات قريب والآخر بعيد) أى: وهو المراد من اللفظ كما فى يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ (١) فإن المتبادر من اليد الجارحة والمراد منها القدرة، وهذا المعنى المراد بعيد من اللفظ

(قوله: لما ذكر السكاكى) أى وإنما قلنا إن أحد المعنيين فى المتشابهات قريب والآخر بعيد لما ذكر إلخ

(قوله: من قبيل التورية والإيهام) العطف مرادف أى ومعلوم أن التورية التى هى الإيهام إنما تتصوره فى معنى قريب وبعيد كما تقدم.

(قوله ويجوز أن يكون وجه المفارقة) أى: بين التوجيه والمتشابهات وهذا وجه آخر للفرق، وقوله أن المعنيين فى المتشابهات لا يجب تضادهما، أى بل يجوز اجتماعهما كالقدرة واليد بمعنى الجارحة، أى بخلاف التوجيه فإنه يجب فيه تضاد المعنيين كما مر قال العلامة اليعقوبى بعد أن ذكر جميع كلام الشارح: وفى هذا الكلام خبط لا يخفى، لأنهم اشترطوا فى التوجيه استواء المعنيين فى القرب والبعد، فكيف يصح أن تكون المتشابهات من التوجيه بوجه مع كون أحد المعنيين فى المتشابهات بعيدا هو المراد كما فى قوله وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ (٢) والرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٣) فالمعنى المجازى وهو البعيد منهما هو المراد كما تقدم، وأيضا قد ذكر السكاكى نفسه أن المتشابهات على الإطلاق من التوجيه باعتبار، وقد ذكر بعد أن أكثرها له معنى قريب وبعيد، وهو يقتضى أن الذى يكون توجيها من المتشابهات بالاعتبار هو البعض لا الكل، نعم إن صح أن بعض المتشابهات يحتمل الضدين على السواء كانت من التوجيه الصرف، لا أنها منه باعتبار فقط، وكذا إن صح أن التوجيه لا يشترط فيه استواء الاحتمالين، وهو بعيد من كلامهم.


(١) الفتح: ١٠.
(٢) الذاريات: ٤٧.
(٣) طه: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>