للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بخفاء الدلالات وركاكة المعنى فيصير كغمد من ذهب على سيف من خشب بل الوجه أن تترك المعانى على سجيتها فتطلب لأنفسها ألفاظا تليق بها، وعند هذا تظهر البلاغة والبراعة ويتميز الكامل من القاصر.

وحين رتب الحريرى- مع كمال فضله- فى ديوان الإنشاء ...

===

أى: قصد فيها إلى الصناعة وتحصيل المحسنات اللفظية، وحاصل ذلك أنه إذا كان المحسن اللفظى أو البديعى مطلقا هو المقصود بالذات كانت الألفاظ متكلفا فيها مطلوبة ويتحقق فى ضمن ذلك الإخلال بما يطلب للمعانى من الاعتبارات المناسبة لمقتضى الحال، فتكون تلك المطالب غير مرعية فى تلك المعانى، إذ المقصود بالذات الألفاظ البديعية وإيجادها لا الحسن المعنوى، فربما لم تخل الألفاظ حينئذ من خفاء الدلالة حيث تكون كناية أو مجازا، ومن ركاكة حيث تكون حقيقة بألا يراعى فيها الاعتبار المناسب، فتكون الألفاظ البديعية فى تلك المعانى: كغمد من ذهب ركب على سيف من خشب، أو كثياب فاخرة على ذات مشوهة، وأما إذا كان المقصود بالذات إفادة المعنى كانت الألفاظ غير متكلفة، بل تأتى بها المعانى حيث تركت على سجيتها التى تنبغى لها من المطابقة لمقتضى الحال؛ لأن ما بالذات لا تكلف فيه وإذا لم يتكلف جاء الكلام باشتماله على ما يقتضيه الحال حسنا حسنا ذاتيّا فإذا جاء حسن زائد على الذاتى وهو البديعى صار ذلك الحسن البديعى تابعا للذاتى فيزداد الحسن الذاتى بالحسن البديعى

(قوله: بخفاء الدلالات) أى: إذا كانت الألفاظ مجازات أو كنايات (وقوله: وركاكة المعنى) أى: إذا كانت الألفاظ حقائق

(قوله: فيصير) أى: اللفظ وفى نسخة فتصير بالتاء الفوقية أى: الألفاظ البديعية

(قوله: بل الوجه) أى: الطريق (وقوله: أن تترك المعانى) أى: الواقعة والحاضرة عنده

(قوله: ألفاظا تليق بها) أى: من حيث اشتمالها على مقتضى الحال

(قوله: وعند هذا) أى عند الإتيان بالألفاظ التى تليق بالمعانى

(قوله: والبراعة) مرادف لما قبله (وقوله: الكامل) أى: فى البلاغة (وقوله: من القاصر) أى: فيها؛ وذلك لأن مقتضيات الأحوال التى يشتمل الكلام عليها لا تنضبط لكثرتها، وكلّما كثرت رعايتها ازداد الكلام بلاغة

(قوله: فى ديوان الإنشاء) أى: حين رتب كاتبا عند الملك يكتب المراسلات للملوك والوزراء والعلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>