للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عجز فقال ابن الخشاب هو رجل مقاماتى؛ وذلك لأن كتابه حكاية تجرى على حسب إرادته، ومعانيه تتبع ما اختاره من الألفاظ المصنوعة، فأين هذا من كتاب أمر به فى قضية؟ وما أحسن ما قيل فى الترجيح بين الصاحب والصابى أن الصاحب كان يكتب كما يريد، والصابى كان يكتب كما يؤمر، وبين الحالين بون بعيد ...

===

(قوله: عجز) أى لأنه كلف إنشاء ألفاظ مطابقة لمعان واقعية، ومقتضيات أحوال خارجية، وتكون تلك الألفاظ مع ذلك مصاحبة لبديعيات، والحال أنه إنما كانت له قوة على إنشاء ألفاظ لمعان مع بديعياتها تناسب أحوالا مقدرة يختلقها كما أراد

(قوله: فقال ابن الخشاب) أى: فى سبب عجزه وكان معاصرا له

(قوله: رجل مقاماتى) أى: له قوة على إنشاء الألفاظ المستحسنة المطابقة للمعانى التقديرية المتخيلة لا على إنشاء الألفاظ المستحسنة المطابقة للمعانى الواقعية؛ لأن المقامات حكايات تقديرية

(قوله: وذلك) أى: ومعنى ذلك أى: كونه رجلا مقاماتيّا

(قوله: لأن كتابه) أى: كتاب الحريرى المسمى بالمقامات

(قوله: فأين هذا) أى: كتاب معانيه فرضية من كتاب معانيه واقعة وحاضرة

(قوله: أمر به فى قضية) أى: عينية فإن هذا لا يكتب ما أراده، بل ما أمر به وهذا أخص يلزم من القدرة عليه القدرة على الأول وهو الكتابة لما أراده دون العكس؛ لأن كتابة ما يريده الإنسان ويخترعه سهل التناول بالتجربة، وأما كتابة ما يؤمر به فهو صعب إلا على الأقوياء.

(قوله: فى الترجيح) أى: التفضيل (وقوله: يكتب كما يريد) أى: كالحريرى، (وقوله: يكتب كما يؤمر) أى: كابن الخشاب

(قوله: يكتب كما يريد) أى يكتب لما يريده من الألفاظ؛ لأنه لم يقصد إفادة معنى واقعى، فالمعانى تابعة لما أراده من تلك الألفاظ المصنوعة

(قوله: كما يؤمر) أى: فألفاظه التى يكتبها تابعة للمعانى التى أمر بها بمعنى أن تلك المعانى تطلب تلك الألفاظ

(قوله: بون بعيد) أى فرق بعيد وأن الحالة الثانية أشرف من الأولى، وقد علمت أنه يلزم من القدرة على الحالة الثانية القدرة على الحالة الأولى، دون العكس.

<<  <  ج: ص:  >  >>