للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلا فالجملة الخبرية كثيرا ما تورد لأغراض أخر غير إفادة الحكم أو لازمه مثل:

التحسر، والتحزن فى قوله تعالى- حكاية عن امرأة عمران: رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى (١) ...

===

فهو حر، فأخبروه على التعاقب والمخبر هنا بالمعنى اللغوى أى: المعلم، فقول الشارح والإعلام عطف تفسير لا بالمعنى العرفى أى: الآتى بالجملة الخبرية إلا أنه ليس المراد بالمخبر المعلم بالفعل، وإلا لما صح الترديد الآتى بقوله: فإن كان المخاطب خالى الذهن استغنى عن المؤكدات؛ لأنه حيثما أعلمه بالفعل كيف يكون خالى الذهن فتعين أن يكون المراد بالمخبر من كان بصدد الأخبار والإعلام

(قوله: وإلا فالجملة إلخ) أى: وإلا نقل المراد بالمخبر من ذكر، بل المراد به الآتى بالجملة الخبرية مرادا بها معناها، فلا يصح حصر مقصوده فى الأمرين اللذين ذكرهما المصنف؛ لأن الجملة الخبرية إلخ

(قوله: مثل التحسر) مما دخل تحت مثل إظهار الضعف كما فى قوله تعالى حكاية عن نبيه زكريا:

رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي (٢) وإظهار الفرح كما فى قولك: قرأت الدرس، وحضرنى الأفاضل، وتذكير ما بين المراتب من التفاوت العظيم كما فى قوله تعالى: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣) إلخ، فإن اللفظ مستعمل فى معناه، لكن لا للإعلام بالحكم أو لازمه؛ لأن النبى وأصحابه عالمون بالحكم وهو عدم الاستواء، ويعلمونه بأن المولى عالم بعلمهم ذلك، بل لتذكير ما بين الرتبتين من التفاوت العظيم؛ لأجل أن يتباعد القاعد ويرفع نفسه عن انحطاط مرتبته.

(قوله: فى قوله تعالى حكاية إلخ) أى: فإن اللفظ مستعمل فى معناه، لكن لا للإعلام بالحكم أو لازمه؛ لأن المخاطب وهو المولى عالم بكل منهما، بل لإظهار التحسر على خيبة رجائها والتحزن إلى ربها؛ لأنها كانت ترجو وتقدر إنها تلد ذكرا، فأخبرت أنها ولدت أنثى، ولا شك أن إظهار خلاف ما يرجوه الإنسان يلزمه التحسر، فظهر لك من هذا أن استفادة التحسر من الآية بطريق الإشارة والتلويح على ما هو مفاد


(١) آل عمران: ٣٦.
(٢) مريم: ٤.
(٣) النساء: ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>