للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أشبه ذلك (بخبره) متعلق بقصد ...

===

عبد الحكيم، وأما قول بعضهم استعمال الكلام فى إظهار التحسر والتحزن والضعف مجاز مركب، وتحقيقه أن الهيئة التركيبية فى مثله موضوعة للإخبار، فإذا استعمل ذلك المركب فى غير ما وضع له، فإن كانت العلاقة المشابهة: فاستعارة وإلا فمجاز مرسل، والآية من قبيل الثاني؛ لأن الإنسان إذا أخبر عن نفسه بوقوع ضد ما يرجوه يلزمه إظهار التحسر فهو من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم أ. هـ كلامه.

ففيه نظر إذ يلزم عليه أن الآية إنشاء معنى، وحينئذ لا تصلح شاهدا للشارح، إذ هو بصدد التمثيل لما إذا كان خبر المخبر لم يفد المخاطب الحكم ولا لازمه

(قوله: وما أشبه ذلك) أى: من أفراد أمثلة التحسر كقوله: (١)

هواى مع الرّكب اليمانين مصعد ... جنيب وجثمانى بمكّة موثق

وكما فى قوله خطابا لامرأة اسمها أميمة تلومه على عدم الانتقام والأخذ بثأر أخيه:

قومى هم قتلوا أميم أخى ... فإذا رميت يصيبنى سهمى (٢)

فلئن عفوت لأعفون جللا ... ولئن سطوت لأوهنن عظمى

أى: قومى يا أميمة هم الذين فجعونى بقتل أخى، فلو حاولت الانتقام منهم عاد ذلك على بالمضرة؛ لأن عز الرجل بعشيرته، فإن عفوت عنهم بالصفح والتجاوز عفوت عن أمر عظيم وخطب جزيل وأظهرت الإحسان الكامل لهم، وإن قهرتهم بالانتقام عاد الأمر إلى توهين حالى، فلذا تركت الانتقام، فأميمة المخاطبة عالمة بأن القاتلين لأخيه قومه وتعلم بأنه عالم بذلك، وحينئذ فالقصد إظهار التفجع والتحزن على


(١) هو لجعفر بن علبة الحارثى وهو من الطويل وقد ورد فى تاج العروس بلا نسبة وانظر المعجم المفصل فى شواهد اللغة العربية (٥/ ١٤١).
(٢) البيتان من الطويل وهما للحارث بن وعلة الذهلى.
وانظر شواهد المغنى (١/ ٣٦٣) والمعجم المفصل فى شواهد اللغة العربية (٧/ ٣٨٥) ولسان العرب (١/ ٦٦٣) (مادة جلل).

<<  <  ج: ص:  >  >>