فهو لا ينكر أن فى بنى عمه رماحا، لكن مجيئه واضعا الرمح على العرض من غير التفات وتهيؤ أمارة أنه يعتقد أن لا رمح فيهم بل كلهم عزل لا سلاح معهم فنزل منزلة المنكر وخوطب خطاب التفات ...
===
أن الوضع على هذه الهيئة علامة على إنكار وجود السلاح معهم، وأما وضع الرمح على طوله بحيث يكون سنانه جهة الأعداء فهو علامة على التصدى للمحاربة الناشىء ذلك من الاعتراف بوجود السلاح معهم
(قوله: فهو لا ينكر إلخ) أى: هو عالم بذلك لكونهم متلبسين بالحرب فهو من تنزيل العالم منزلة المنكر، لا من تنزيل الخالى منزلة المنكر، كما قال بعضهم: إذ ليس من شأن العاقل أن لا يعلم بوجود السلاح مع أعدائه حال القتال مع شيوع ذلك فى العرب؛ ولأن المناسب لسياق الكلام للتوبيخ جعله من تنزيل العالم منزلة المنكر
(قوله: لكن مجيئه) أى: للحرب
(قوله: من غير التفات) أى: لبنى عمه (وقوله: وتهيؤ) أى: ومن غير تهيؤ لمحاربتهم
(قوله: أمارة أنه يعتقد) أى: علامة على اعتقاده أنه لا رمح فيهم؛ لأنه على عادة من ليس متهيئا للحرب، إن قلت: يجوز أن يكون شقيق فعل ذلك لاعتقاده أنه ليس فيهم من يقاومه، وإن علم أن فيهم رماحا، وحينئذ فلا يكون ذلك الفعل الواقع منه علامة على الاعتقاد المذكور حتى ينزل منزلة المنكر، قلت حيث علم بأن فيهم سلاحا، فلا ينبغى له أن يفعل ذلك الفعل الحاصل منه، ولو علم أنه ليس فى أعدائه من يقاومه؛ لأن شأن العاقل أن لا يأمن إذا علم بوجود السلاح لاحتمال الضرر وإذا كان كذلك كان فعله دالا على اعتقاد أنه لا رمح فيهم
(قوله: لا سلاح معهم) تفسير لقوله عزل وهو بالعين المهملة والزاى المعجمة جمع أعزل وهو الذى لا سلاح له، وأما الأغرل بالغين المعجمة والراء المهملة فهو الذى بقلفته ومن ذلك قوله فى الحديث:(يحشر الناس يوم القيامة غرلا)(١)
(قوله: وخوطب خطاب التفات) أى: خطاب ملتفت من الغيبة إلى الخطاب؛ لأن الاسم الظاهر من قبيل الغيبة وفيه التفات آخر على مذهب السكاكى من الخطاب إلى الغيبة فى قوله: جاء شقيق إن كان شقيق حاضرا وقت إلقاء هذا الكلام، إذ مقتضى
(١) أخرجه مسلم (٥/ ٧١٢) والبخارى فى غير ما موضع بألفاظ مختلفة.