للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقوله (إن بنى عمك فيهم رماح) مؤكدا بإن، وفى البيت على ما أشار إليه الإمام المرزوقى تهكم واستهزاء ...

===

الظاهر أن يقول: جئت. إن قلت الالتفات لا بد فيه من الارتباط بين التعبيرين بنحو عطف ولا ارتباط هنا بين الجملتين، وحينئذ فلا التفات أصلا. أجيب بأن جملة إن بنى عمك معمولة لمحذوف معطوف على الجملة الأولى، والتقدير فقلت له إن بنى عمك إلخ، وقد يقال لا حاجة لتقدير القول؛ لأنه قد يجعل الشخص بذكر أوصافه حاضرا مخاطبا، ألا ترى إلى قوله تعالى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (١) فيحصل الارتباط لذكر الأوصاف

(قوله: فيهم رماح) بسكون الحاء؛ لأنه من السريع الموقوف الضرب وعروضه مطوية: كالضرب ومكشوفة فالعروض مطوية مكشوفة. والضرب مطوى موقوف، والرماح جمع رمح، ففى بمعنى: عند، ويحتمل أنه جمع رامح، وأن في: باقية على حالها، لكن المناسب لقول الشارح أمارة أنه يعتقد أنه لا رمح فيهم الاحتمال الأول.

(قوله: مؤكدا) حال من خطاب ولم يقل واسمية الجملة لما ستعرفه من أنها إنما تكون مؤكدة عند قصد التأكيد بها، ولم يتحقق هنا ذلك.

(قوله: وفى البيت) أى: فى عجزه، وقوله تهكم أى: من الشاعر بشقيق واستهزاء به؛ وذلك لأن مثل هذه العبارة أعنى قوله: أن بنى عمك إلخ: إنما تقال لمن يستهزأ به لكونه لا قدرة له على الحرب، بل عند سماعه به يخاف ولا يقدر على حمل الرماح ولا غيرها من آلاته لجبنه وضعفه، واعترض على الشارح بأن التهكم بشقيق يقتضى أنه لا يعترف بأن فيهم رماحا فينافى التنزيل المذكور، إذا لو اعترف بذلك لما صح التهكم به لإفادته قيام الضعف ببنى عمه، وأجيب بأن التهكم بالنظر للواقع من الاعتراف، بأن فيهم رماحا وبالنظر للتنزيل المذكور أيضا بناء على أن ذلك التهكم من باب الكناية أطلق الملزوم وأريد اللازم، وبيان ذلك أنه وإن علم أن فيهم رماحا إلا أن وضعه الرمح على عرضه أمارة على الإنكار لما فيه من الجبن بزعم الشاعر، ويلزم


(١) الفاتحة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>