وقيل معنى كونه معه: أن يكون موجودا فى نفس الأمر؛ وفيه نظر؛ لأن مجرد وجوده لا يكفى فى الارتداع ما لم يكن حاصلا عنده، وقيل معنى ما إن تأمله:
شىء من العقل؛ وفيه نظر؛ لأن المناسب حينئذ أن يقال: ما إن تأمل به لأنه لا يتأمل العقل بل يتأمل به (نحو: لا رَيْبَ فِيهِ (١)) ظاهر هذا الكلام أنه مثال لجعل منكر الحكم كغيره وترك التأكيد لذلك؛ ...
===
(قوله: وقيل إلخ) هذا وجه ثان فى معنى معه، وقوله بعد وقيل معنى ما إلخ، وجه ثان فى معنى ما، فالحاصل أن فى معه وجهين وفى ما وجهين
(قوله: لأن مجرد وجوده) أى:
نفس الأمر، وقوله لا يكفى فى الارتداع الأولى أن يقول لا يكفى فى التنزيل؛ لأن الارتداع مرتب على التأمل لا على مجرد الوجود، ويمكن تصليح عبارته بأن يقال مراده أن مجرد الوجود لا يكفى فى الارتداع، بل لا بد فيه من التأمل، والتأمل إنما يكون فى معلوم، فلا بد أن يكون ما يقع فيه التأمل معلوما له، وقد يرد هذا النظر بعد تصليحه بما قلنا بأن مراد المصنف فرض التأمل وتقديره لا التأمل بالفعل، ولا شك أن مجرد الوجود فى نفس الأمر كاف فى ذلك فقول المعترض، والتأمل إنما يكون فى معلوم مسلم فى التأمل بالفعل لكن ليس الكلام فيه، فلا يرد هذا الاعتراض على هذا القبيل، والحاصل أنه على كلام الشارح لا بد فى التنزيل من علم الدلائل بالفعل وعلى هذا القيل يكفى فيه وجودها فى نفس الأمر، وإن لم تكن معلومة.
(قوله: لأن المناسب حينئذ) أى: حين إذ فسر ما بشىء من العقل لا بالأدلة كما هو القول الأول، وفى قوله: لأن المناسب إشارة إلى صحة هذا القيل بالحمل على الحذف والإيصال، والأصل تأمل به، فحذف الباء ووصل الضمير بالفعل، أو يقال مراده بالفعل الأدلة العقلية، وحينئذ فيرجع لما قاله الشارح أولا تأمل
(قوله: ظاهر هذا الكلام أنه مثال إلخ) أى: لا تنظير ووجه كون ذلك ظاهرا من الكلام أن المتبادر من ذكره ذلك بعد القاعدة أعنى: جعل المنكر كغير المنكر وتعبيره بنحو أنه مثال لها
(قوله: وترك التأكيد لذلك) أى: لذلك الجعل وكان مقتضى الظاهر أن يقال: أنه لا ريب فيه،