وبيانه: أن معنى لا رَيْبَ فِيهِ ليس القرآن بمظنة للريب، ولا ينبغى أن يرتاب فيه ...
===
واعترض بأنا لا نسلم أن لا ريب فيه خال عن التأكيد؛ لأن (لا) التى لنفى الجنس للتأكيد وكذلك اسمية الجملة كما صرحوا بذلك، وأجيب بأن (لا) النافية لتأكيد المحكوم عليه، لأنها تفيد استغراق النفى وهو راجع للمحكوم عليه بمعنى أنه لا يخرج شىء من أفراده، وليس الكلام فيه إذ كلامنا فى تأكيد الحكم وهى لا تفيد ذلك وبأن اسمية الجملة ليست للتأكيد مطلقا، بل إذا اعتبرت مؤكدا بأن قصد التأكيد بها ولم يتحقق ذلك هنا، وإن تأكيدها ليس على سبيل الاستقلال، بل على سبيل التبعية، فإن كان هناك مؤكد آخر جعلت اسمية الجملة من المؤكدات، وإلا فلا.
(قوله: وبيانه) أى: بيان كونه مثالا لجعل المنكر كغير المنكر، وحاصله أن جعله مثالا لذلك لا يحتاج لتأويل لا رَيْبَ فِيهِ بمعنى ليس القرآن بمظنة للريب ولا ينبغى أن يرتاب فيه، وهذا مطابق للواقع وينكره كثير من المخاطبين، فكان مقتضى الظاهر أن يؤكد فيقال: إنه لا ريب فيه، لكن نزل إنكارهم منزلة عدمه لما معهم من الدلائل والأمارات التى لو تأملوها ارتدعوا عن الإنكار، فلذلك ألقى لهم الكلام مجردا عن التأكيد، وإنما احتاج جعله مثالا لجعل المنكر: كغير المنكر للتأويل؛ لأنا لو أبقينا الآية على ظاهرها من نفى الريب أى: لم يقع فيه ريب من أحد لم يكن مطابقا للواقع لكثرة المرتابين فيه، فلا يكون من جعل المنكر كغير المنكر؛ لأن الحكم الذى يجعل فيه الإنكار كلا إنكار يجب أن يكون مطابقا للواقع عليه أمارات ودلائل لو تأملها المنكر ارتدع عن إنكاره، وهذا الحكم أعنى نفى الريب على سبيل الاستغراق الذى هو معنى لا ريب فيه لو أجرى على ظاهره ليس كذلك لثبوت الريب فى الواقع.
(قوله: ليس القرآن بمظنة) أى: ليس محلا يظن فيه الريب أى: الشك فى أنه من عند الله، فالمنفى كونه محلا للريب والشك
(قوله: ولا ينبغى إلخ) عطف تفسير أى: ولا ينبغى أن يكون محلا للارتياب فيه، وإنما كان المعنى ما ذكر، وليس المراد ظاهر الآية من نفى الريب فيه من أصله؛ لأن الريب فيه قد وقع من الكفار، وحينئذ فلا يصح نفيه عنه