للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واعلم أن المجاز العقلى عند الشيخ عبد القاهر تارة يكون له حقيقة أى: فاعل يكون الإسناد له حقيقة نحو: أنبت الربيع البقل، فإن حقيقة: أنبت الله البقل، وتارة لا يكون له حقيقة أى: فاعل حقيقى نحو: أقدمنى بلدك حق لى على فلان، فالإقدام ليس له فاعل حقيقى بكون الإسناد له حقيقة، إذ هو أمر اعتبارى بخلاف قدم اللازم، فإن له فاعلا حقيقا؛ لأن القدوم أمر موجود فلا بد له من موجد، تقول: قدمت بلدك لأجل حق لى على فلان، فقول الشارح من الحقيقة إشارة للقسم الأول وهو بيان لما يئول، وفاعل يؤول ضمير يعود إلى الإسناد أى: طلب الحقيقة وملاحظتها التى يئول أى:

يرجع المجاز إليها، ومعنى رجوع المجاز إليها أنه يتفرع عنها بأن ينتقل من الحقيقة إليه بواسطة العلاقة، فهو من رجوع الفرع لأصله، مثلا المؤمن الذى يضيف الإنبات لله تقف نفسه عن إسناد الإنبات للربيع، وتلتفت إلى حقيقة الكلام وتطلبها، فإذا علمت حقيقة ذلك وأن الأصل: أنبت الله البقل بالربيع، وأن الربيع سبب عادى، فإنها تسند الإنبات إليه، وتنصب القرينة على إرادة خلاف الظاهر، وكذلك إذا سمع المؤمن أنبت الربيع البقل، فإنه تقف نفسه ولا ترضى بذلك، فإذا علمت الحقيقة بعد طلبها رضيت بذلك، فقوله تطلب أى: طلب المتكلم أو المخاطب الحقيقة التى يرجع إليها المجاز، وإنما عبر بالتطلب دون الطلب للإشعار بأن الطلب لا يلزم أن يكون واقعا، بل مجرد الالتفات لدلالته على التكلف.

وقوله أو الموضع: إشارة للقسم الثانى وهو عطف على ما، وقوله من العقل:

من فيه للابتداء حال من الموضع، والمعنى أو طلب الموضع الذى يرجع المجاز إليه حال كون ذلك الموضع ناشئا من جهة العقل محضا، وإن لم يكن لذلك الموضع تحقق فى نفس الأمر بأن يكون ذلك الموضع قريبا من لفظ الفعل الذى لا فاعل له حقيقى، ويلاحظ العقل أنه أصل له، كأن يلاحظ العقل أن الإقدام راجع للقدوم وأنه أصل له، وإن لم يكن ذلك ثابتا فى الواقع فمصدوق الموضع فى المثال المذكور قدمت، وتوضيح ذلك أن المجاز الذى لا حقيقة له كما في: أقدمنى بلدك حق لى على فلان، إذا سمعت

<<  <  ج: ص:  >  >>