للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الموضع الذى يؤول إليه من العقل؛ وحاصله: أن ينصب قرينة ...

===

النفس ذلك لا ترضى بالإسناد لكون الحق ليس فاعلا للإقدام؛ لأنه أمر متوهم لا فاعل له، فتطلب النفس الحقيقة، فيلاحظ العقل أن القدوم أصل للإقدام، وأن الأصل: قدمت لحق لى على فلان، وإن لم يكن ذلك ثابتا فى الواقع، فالإقدام له محل من جهة العقل وهو القدوم، هذا ويصح أن يكون قوله من العقل: لابتداء الطلب، والمعنى حينئذ تطلب الموضع الذى يرجع المجاز إليه حال كون ذلك الطلب مبتدأ من العقل، فالطلب فعل ممتد ومسافة لها ابتداء هو العقل.

(قوله: أو الموضع) أى: أو تطلب الموضع الذى إلخ، والمراد بالموضع المعنى المناسب لما إسناده مجازى، الذى يئول الإسناد المجازى إليه من جهة العقل أى: يرجع إليه، ويكون هو المقصود منه: كالقدوم المناسب لأقدم فى قولك: أقدمنى بلدك حق لى على زيد، وهكذا كل إسناد مجازى لا حقيقة له لعدم تحقق الفاعل أى: لعدم تحقق استعماله وقصده، على ما سيأتى قريبا.

(قوله: وحاصله إلخ) عطف على قوله ومعنى إلخ أى: أن معنى التأويل الحقيقى ما ذكر، وحاصل معناه نصب قرينة، وفيه أن نصب القرينة ليس حاصلا لذلك المعنى الذى ذكره، إذ طلب الحقيقة أو الموضع وملاحظته ليس هو نصب القرينة، والجواب أن المراد حاصله باعتبار لازمه أى: أن نصب القرينة لازم لما ذكره، فالمصنف أطلق اسم الملزوم وهو التأول أعنى: طلب الحقيقة أو الموضع، وأراد اللازم وهو نصب القرينة على طريق الكناية، إن قلت لا نسلم أن نصب القرينة لازمة لملاحظة الحقيقة أو الموضع لجواز أن يلاحظ الحقيقة أو الموضع ولا ينصب قرينة. قلت: المراد ملاحظة الحقيقة أو الموضع ملاحظة يعتد بها وهى إنما تكون مع القرينة، وبيان ذلك أن التطلب من جهة العقل ومعلوم أن تطلب العقل لشىء إنما يكون كاملا إذا كان بالدليل والأمارة وذلك هو نصب القرينة على أن المراد غير الظاهر، فإن قلت: حيث حمل التأول على نصب القرينة لم يكن لقول المصنف الآتى: ولا بد للمجاز من قرينة فائدة لعلمه من هنا، ويكون قوله من هنا، ويكون قوله فيما مر لغير ما هو له مستغنى عنه، إذ لا قرينة لما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>