للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميّز عنه) أى: عن الرأس ...

===

المتن؛ وذلك لأن كلا من الانتفاء المذكور والاستدلال مصحح للتجوز، وعلى هذا فالمعنى لم يحمل على المجاز ما لم يحصل المصحح للتجوز، كما حصل فى قول أبى النجم الاستدلال المصحح للتجوز، وعلى هذا فقوله: كما استدل متعلق بانتفاء العلم، ولك أن تجعله متعلقا بعدم الحمل والمعنى، ولكون التأول يخرج الإسناد إلى المجاز تحقق عدم حمل الإسناد فيما ذكر على المجاز لعدم ظهور التأول: كالاستدلال فى شعر أبى النجم، إذ لولا اشتراط التأول لم يستدل على مجازيته، وإذا علمت صحة التشبيه فى كلام المصنف بدون اعتبار الاستدلال الذى ذكره الشارح تعلم أن اعتباره كما قال الشارح ليس ضروريا، بل لتحسن التشبيه فقط؛ لأنه يصير المشبه والمشبه به الاستدلال.

(قوله: ميز عنه) أى: فصل فى الرأس قنزعا عن قنزع بسبب ذهاب ما بينهما، فعن الأولى بمعنى فى ويحتمل أن المعنى: أزال عن الرأس قنزعا بعد قنزع فعن الثانية بمعنى بعد كما فى قوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١) فلا يلزم تعلق حرفى جر متحدى اللفظ والمعنى بعامل واحد

(قوله: أى عن الرأس) أى: المتقدم فى قوله (٢):

قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى ... علىّ ذنبا كلّه لم أصنع

من أن رأت رأسى كرأس الأصلع

ميز إلخ، وقوله ذنبا بمعنى: ذنوبا، بدليل التأكيد بكل، فهو من إقامة المفرد مقام الجمع، أو المراد الجنس المتحقق فى متعدد، وحينئذ فالتنوين فيه للتكثير، والمعنى أن هذه المرأة أصبحت تدعى على ذنوبا لم أرتكب شيئا منها لرؤيتها رأسى خالية من الشعر كرأس الأصلع، فإن النساء يبغضن الشيب ويطلبن الشباب وجملة ميز عنه إلخ: مفسرة


(١) الانشقاق: ١٩.
(٢) الرجز لأبى النجم- أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ٢٢٥، وبدر الدين بن مالك فى المصباح ص ١٤٤، والطيبى فى التبيان (١/ ٣٢١) وكذلك فى مفتاح العلوم للسكاكى (٥٠٤). وتمام البيت الثاني: ميز عنه قنزعا عن قنزع.

<<  <  ج: ص:  >  >>