للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن شدته وكثرة الهموم والأحزان فيه؛ لأن الشيب مما يتسارع عند تفاقم الشدائد والمحن، أو عن طوله، وأن الأطفال يبلغون فيه أوان الشيخوخة (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (١)) أى: ما فيها من الدفائن والخزائن؛ نسب الإخراج ...

===

وفى قوله وهذا كناية به إشارة إلى أن الكناية لا تنافى المجاز العقلى

(قوله: عن شدته) أى:

اليوم وقوله: لأن الشيب أى: الحقيقى وهو بياض الشعر، وقوله: مما يتسارع أى: مما ينشأ بسرعة، وقوله: عند تفاقم الشدائد أى: عند تراكمها وتكاثرها، والحاصل أن تراكم الشدائد ملزوم يلزمه سرعة الشيب، فأطلق اسم اللازم وأريد الملزوم

(قوله: أو عن طوله) أى: أو أنه كناية عن طوله طولا يبلغ فيه الصبيان أوان الشيب والشيخوخة، ثم يحتمل أن المراد الكناية اللغوية، ويحتمل الاصطلاحية أيضا على مذهب السكاكى، وذلك لأن قوله يجعل الولدان شيبا موضوع للازم طول الزمان وهو الشيخوخة والشيب، فاستعمل فى الملزوم وهو طول الزمان الذى يبلغ فيه الصبيان أوان الشيب والشيخوخة، أو على مذهب المصنف القائل إنها استعمال اسم الملزوم فى اللازم؛ لأن الشيب والشيخوخة يلزمهما طول الزمان عادة، والحاصل أن الشيب وطول الزمان متلازمان يصح أن يعتبر كل منهما لازما والآخر ملزوما، فإن قلت جعله كناية عن الطول ينافى التعجب من عدم الاتقاء، فإن منشأ التعجب كثرة الهموم فى ذلك اليوم لا مجرد الطول؛ لأن اليوم الطويل قد يشتمل على نحو السرور فلا يقتضى التعجب، فلا بد من اعتبار كثرة الهموم معه حتى يحسن التعجب على أن طوله أزيد من أوان الشيخوخة؛ لأن أوان الشيخوخة بعد الأربعين، ويوم القيامة قال الله تعالى فيه وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٢) فالطول المخصوص ليس لازما لأوان الشيخوخة.

قلت: ليس المراد أنه كناية عن مطلق الطول، بل الطول المعهود، ولا شك أنه من أكبر الهموم، والعلاقة يكتفى فيها باللزوم الواقع بين أوان الشيخوخة ومطلق الطول ذكره الغنيمى.

(قوله: يبلغون فيه أوان الشيخوخة) أى: فيشيبون

(قوله: أَثْقالَها) جمع ثقل:

بفتح المثلثة والقاف، وهو متاع البيت، فقول الشارح أى ما فيها إلخ: تفسير مراد، وقوله


(١) الزلزلة: ٢.
(٢) الحج: ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>