للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حذف المسند اليه] (أما حذفه) قدمه على سائر الأحوال ...

===

(قوله: أما حذفه إلخ) (١) قاعدة المصنف أن الواقع بعد أما هو مقتضى الحال، والواقع بعد لام التعليل هو الحال، فالاحتراز عن العبث، وكذا ما بعده أحوال تقتضى الحذف، وهذا كالصريح فى أن مقتضى الحال هو الخصوصية، فظهر لك أن أحوال المسند إليه مثلا مقتضيات للأحوال أى: للأمور الداعية لإيراد الكلام مكيفا بكيفية مخصوصة، ثم إن المعلوم أن الحذف فعل الفاعل؛ لأنه مصدر، وحينئذ فهو من أوصاف الشخص لا من أوصاف المسند إليه العارضة له، وأجيب بأن المصنف أطلق الحذف، وأراد به الحاصل بالمصدر وهو الانحذاف، وكذا يقال فيما بعده، أو تجعل هذه الأمور مصدر المبنى للمفعول بناء على مذهب من يجوز مجىء المصدر من المبنى للمفعول، وحينئذ فتكون هذه الأمور أحوالا للمسند إليه، ثم إن المراد حذفه لقرينة معينة من غير إقامة شىء مقامه، وحينئذ يكون لغرض معنوى كما هو اللائق بالفن لا لمجرد أمر لفظى، وبهذا يظهر وجه اقتصار المصنف على حذف المبتدأ من المسند إليه؛ لأن الفاعل إذا حذف إما أن يقوم شىء مقامه كما فى باب النيابة، وباب الاستثناء المفرغ، وباب المصدر- ولا يحتاج الحذف حينئذ لقرينة، بل الحذف للأمر الداعى له، - وإما لغرض لفظى كالتقاء الساكنين فى نحو: اضربن يا قوم، واضربوا الرجل.


(١) وقال الطيى فى" التبيان": باب فى المسند إليه وفيه أبحاث: البحث الأول فى كونه متروكا، وهو إما لضيق المقام: كقوله:
قال لى كيف أنت؟ قلت عليل ... سهر دائم وحزن طويل
أو لصون العبث، كقول المستهل" الهلال" أو للتعويل على أقوى الدليلين من العقل والنقل، قال تعالى:
وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ* نارٌ حامِيَةٌ [القارعة: ١٠، ١١].
أو لتطهير اللسان عنه، ومنه قول القائل:
وإذا ذكرتكم غسلت فمى ... ولقد علمت بأنه نجس
أو لتطهيره عن اللسان، ومنه قول القائل:
وإياك ورسم العامريّة إننّى ... أغار عليه من فم المتكلم
أو لأن الخبر لا يصلح إلا له، وله شواهد. أو لأن فى عدم التصريح احتياطا ليس فيه نحو: يفجر، ويفسق. أو لتكثير الفائدة نحو: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ [يوسف: ١٨] أو لمجرد الاقتصار نحو: نعم الرجل زيد انظر: التبيان فى المعانى والبيان تحقيق د/ عبد الحميد هنداوى بتصرف (١/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>