للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أو تخييل العدول إلى أقوى الدليلين من العقل واللفظ) فإن الاعتماد عند الذكر على دلالة اللفظ ...

===

وأما مع النظر إلى الحقيقة من أنه ركن للإسناد فلا عبث فى ذكره وليس كذلك؛ لأنه لا تنافى بين كونه ركنا فى الكلام وكونه عبثا، ألا ترى أن الكلام إذا علم بسائر أجزائه يكون ذكره عبثا فبالأولى جزؤه فالمنافى للعبث إنما هو عدم علمه بالقرينة فحق العبارة بناء على القرينة؛ لأنه إذا قطع النظر عن القرينة انتفى العبث، وأجيب بأن قوله بناء على الظاهر احتراز عن عدم علمه بالقرينة لا عن الحقيقة من كونه ركنا للإسناد، ولا شك أنه بالنظر إلى كونه غير معلوم بالقرينة لا عبث فى ذكره؛ لأنه إتيان بما لا يستغنى عنه، ويدل لذلك قول الشارح لدلالة القرينة عليه، فإنه يفيد أن المحترز عنه عدم علمه بالقرينة، وعبارة سم حاصل المراد من كلام المصنف أن للمسند إليه اعتبارين: أحدهما: كونه ركنا، والثاني: كونه معلوما، فبالاعتبار الأول مع قطع النظر عن الثاني، لا يكون ذكره عبثا، وبالاعتبار الثانى مع قطع النظر عن الاعتبار الأول يكون ذكره عبثا؛ لأنه إتيان بما يستغنى عن الإتيان به، وقد اعترض أصحاب الحواشى بأن كونه ركنا لا ينافى العبثية فلعله يندفع بذلك فتأمل. اهـ ..

(قوله: أو تخييل العدول إلخ) عطف على الاحتراز، والتخييل بمعنى: الإيهام، وهو مصدر مضاف لمفعوله الثانى أى: تخييل المتكلم للسامع العدول إلى أقوى الدليلين أى: أن من جملة الأمور التى مراعاتها ترجح الحذف قصد المتكلم أن يخيل للسامع أن يوقع فى خياله وفى وهمه بذلك الحذف أنه عدل إلى أقوى الدليلين اللذين هما العقل واللفظ وأقواهما هو العقل؛ لأن الإدراك به يحصل من اللفظ ومن غيره فعند حذف المسند إليه يتبادر للذهن أن إدراكه بالعقل خاصة، وعند ذكره يتبادر للذهن أن إدراكه باللفظ، وذلك التخييل يوجب نشاط السامع وتوجه عقله نحو: المسند إليه زيادة توجه

(قوله: من العقل واللفظ) بيان للدليلين لا لأقواهما وفى الحقيقة العقل ليس بدال فضلا عن كونه أقوى، وإنما الدال اللفظ والعقل آلة للإدراك منه فوصفه بالدلالة على طريق التجوز من حيث إن النفس تدرك بسببه

(قوله: فإن الاعتماد) أى فإن اعتماد السامع فى فهم المسند إليه، وهذا علة لتخييل العدول

(قوله: عند الذكر) أى: للمسند إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>