(فللاحتراز عن العبث بناء على الظاهر) لدلالة القرينة عليه، وإن كان فى الحقيقة هو ركنا من الكلام ...
===
بركن أعظم، وقوله فكأنه ترك أى: فإذا لم يذكر تخيل أنه ترك من أصله أى: من أول الأمر واعترض بأن تركه عدم ذكره وهو محقق، وحينئذ فلا يناسب إيراد لفظ كأن، وأجيب بأن المراد بتركه تركه مطلقا أى: حقيقة وحكما بحيث لا يكون مقدرا ومرادا، مع أنه مذكور حكما، ثم إن هذا الكلام يقتضى أن الحذف عبارة عن العدم اللاحق، والنكتة التى ذكرها لتقديم الحذف على غيره تقتضى أن الحذف عبارة عن العدم السابق فيتنافيان، ويدفع التنافى بأن نكتة تقديم الحذف باعتبار الواقع؛ لأن الواقع أن المسند إليه لم يذكر فى الكلام أصلا ونكتة التعبير بالحذف دون الترك باعتبار التخيل والتوهم نظرا إلى شيوع استعمال الحذف فى العدم اللاحق وهو عدم الشىء بعد ذكره
(قوله: فللاحتراز عن العبث) اعلم أن الحذف يتوقف على أمرين: أحدهما: وجود ما يدل على المحذوف من القرائن، والثاني: وجود المرجح للحذف على الذكر. أما الأول فهو مذكور فى غير هذا الفن: كالنحو، وأما الثانى فقد شرع المصنف فى تفصيله بقوله فللاحتراز إلخ، وحاصله أن من جملة مرجحات الحذف على الذكر: قصد التحرز والتباعد عن العبث، وذلك أن ما قامت عليه القرينة وظهر عند المخاطب فذكره يعد عبثا أى: خاليا عن الفائدة فيحذفه البليغ لئلا ينسب إلى العبث أى: الإتيان بشىء زائد عن الحاجة لإتيانه بما هو ظاهر معلوم والعابث لا يلتفت إلى كلامه ولا يتلقى منه بالقبول، فقول المصنف فللاحتراز أى: فلقصد التحرز والتباعد عن العبث أى لو ذكر
(قوله: بناء على الظاهر) خال من العبث أى: حال كون العبث مبنيا على ما هو الظاهر من إغناء القرينة عنه، وقوله وإن كان فى الحقيقة أى: والحال إنه بالنظر للحقيقة، ونفس الأمر ركن من الكلام، فينبغى الالتفات له والتصريح به فلا يكون ذكره عبثا، وإن قامت القرينة؛ لأن الاكتفاء بالقرينة ليس كالذكر فى التنصيص على ما هو المقصود الأهم. اهـ. عبد الحكيم.
وكتب بعضهم ما نصه: واحترز بقوله بناء على الظاهر عن الحقيقة ونفس الأمر، وأورد عليه أن هذا يقتضى أن العبث فى ذكره إنما يكون إذا قطع النظر عن الحقيقة،