للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فى محاسنه) (١) من نسل شيبان بين الضال والسلم؛ وهما شجرتان بالبادية؛ ...

===

لا تأتى من المبتدأ عند الجمهور، قلت: سوغ ذلك هنا كون ذلك الخبر مفعولا فى المعنى لمعنى اسم الإشارة أو ها التنبيه لتضمن كل منهما معنى الفعل وهو أشير أو أنبه أى:

أشير إليه فى حال كونه منفردا بالمحاسن أو أنبه عليه فى تلك الحالة، وهذا على حد قوله تعالى هذا بَعْلِي شَيْخاً (٢).

(قوله: فى محاسنه) جمع محسن بمعنى حسن أى منفردا بحسن ذاته ومكارم صفاته

(قوله: من نسل شيبان) حال ثانية من صاحب الأولى، فيكون من قبيل المترادفة أى: متولدا من نسل شيبان أو خبر ثان ذكر بيانا لنسبه بعد ذكر حسبه، ولا يصح أن يكون حالا من الضمير المستتر فى فردا لما فيه من القصور؛ لأن الحال قيد فى العامل فيصير تمييزه بالانفراد فى المحاسن مقيدا بكونه من نسل شيبان، والمناسب لمقام المدح الإطلاق وعلى تقدير جواز ذلك يكون من قبيل الحال المتداخلة فيكون العامل فيه فردا، وتكون متعلقة بمحذوف، وأما جعله ظرفا لغوا متعلقا بفردا- أى ممتازا منهم فليس بحسن؛ لأن مقام المدح يقتضى أن يثبت للممدوح الفردية فى المحاسن بالنسبة إلى كافة الناس لا بالقياس إلى نسل شيبان فقط، إلا أن يدعى أن نسل شيبان ممتازون بالمحاسن عمن سواهم، والنسل الولد وشيبان بفتح الشين: اسم لأب ى القبيلة المسماة باسمه

(قوله: بين الضال) حال من نسل شيبان، وهو الأوجه أى: حال كونهم مقيمين بين الضال والسلم، أو من شيبان، أو من أبو الصقر والضال بتخفيف اللام جمع ضالة بلا همز وهو شجر السدر البرى، والسلم جمع: سلمة وهو شجر ذو شوك من شجر البادية يقال له شجر العضاه.

(قوله: وهما شجرتان) الأولى شجران بدون تاء؛ لأنهما نوعان من الشجر لا فردان، إلا أن يقال أن التاء للوحدة النوعية لا الشخصية، ويحتمل أن المراد منهما فى


(١) هو لعلى بن العباس المعروف بابن الرومى فى مدح أبى الصقر الشيبانى وزير المعتمد، من قوله:
هذا أبو الصقر فردا فى محاسنه ... من نسل شيبان بين الضال والسلم
والضّال: شجر السدر البرّى، والسلم: شجر ذو شوك، وقوله" بين الضال والسلم" كناية عن عزهم؛ لأن هذه الأشجار بالبادية، وهى مجد العرب وعزهم.
(٢) هود: ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>