وقد أشبعنا الكلام فى هذا المقام فى الشرح فليطالع ثمة، ...
===
(قوله: وقد أشبعنا الكلام فى هذا المقام) أى: بإيراد الأمثلة والشواهد الدالة على أن الجمع المعرف باللام مساو للمفرد فى الاستغراق، وإن كان بينهما فرق من حيث إن المفرد المستغرق لا يستثنى منه إلا الواحد، فلا يجوز أن تقول: الرجل يرفع هذا الحجر إلا الزيدين معا، أو إلا ثلاثتكم معا، وأما قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا (١) فمعناه إلا كل واحد من الذين آمنوا بخلاف الجمع المعرف بلام الاستغراق فيصح استثناء الواحد والمثنى والجمع منه نحو: لقيت العلماء إلا زيدا، أو إلا الزيدين، أو إلا الزيدين؛ وذلك لأن الجمع المحلى باللام فى مثل هذا الموضع يستعمل بمعنى منكر مضاف إليه كل فرد وغيره، فمعنى: لقيت العلماء إلا زيدا أى: كل عالم وكل عالمين وكل علماء أفاده عبد الحكيم.
قال العلامة اليعقوبى: وإنما حمل الجمع المعرف بلام الاستغراق المفرد؛ لأنه إن حمل على استغراق آحاد الجموع الذى هو مقتضى أصل دلالته لزم فى مضمونه التكرار، وأن لا يكون له آحاد متميزة؛ لأن الثلاثة مثلا من آحاده، فإذا زيد عليها واحد كانت أربعة وكان المجموع من آحاده فيدخل الأحد الأول فى الثانى، وإذا زيد واحد وكان خمسة لزم فيه دخول الأربعة فيتكرر فيه كل فرد مع ما بعده إلى غير النهاية، بل مجموع الأفراد حينئذ موجب لتكرير جميع ما قبله؛ لأنه جماعة يدل عليها الجمع فحينئذ لا يتحقق للجمع آحاد فيها يجرى العموم كما يجرى فى المفرد؛ فلذلك جعلت آحاده آحاد المفرد التى لا يدخل بعضها فى بعض. انتهى كلامه. وإيضاحه أن الثلاثة مثلا جماعة فتندرج فى الجمع بنفسها لكونها من آحاده وجزء من الأربعة والخمسة وما فوقها التى هى من آحاد الجمع فتكون الثلاثة مندرجة فى الجمع فى ضمنها فآل الأمر إلى أن الثلاثة مندرجة تحت الجمع مرتين: مرة من حيث إنها من آحاده، ومرة من حيث إنها جزء من الأربعة والخمسة مثلا التى هى من آحاده، فحمل الجمع المعرف فى استغراقه على استغراق الجمع موجب للتكرار، وأيضا الكل من حيث هو كل جماعة