ولما كان هاهنا مظنة اعتراض؛ وهو أن إفراد الاسم يدل على وحدة معناه، والاستغراق على تعدده، وهما متنافيان- أجاب عنه بقوله (ولا تنافى بين الاستغراق وإفراد الاسم؛ ...
===
فلو اعتبر فى استغراق الجمع كل واحد واحد منها لكان تكرار محضا، ولذلك ترى الأئمة يفسرون الجمع المستغرق، إما بكل واحد واحد، وإما بالمجموع من حيث هو مجموع.
(قوله: ولما كان هاهنا) أى: هذا الموضع وهو قوله: واستغراق المفرد أشمل، وقوله مظنة اعتراض أى: موضع اعتراض مظنون، وحاصله أنه ينبغى أن لا يجوز إدخال أداة الاستغراق على اسم الجنس المفرد؛ لأن الاسم لكونه فى مقابلة التثنية والجمع يدل بإفراده على وحدة معناه بمعنى أنه لا يكون آخر معه مثله، وأداة الاستغراق الداخلة عليه تدل على تعدده، وأن معه آخر مثله، ويمتنع أن يكون الشىء الواحد واحدا متعددا فى حالة واحدة لتنافيهما، وحينئذ بطل كون المفرد مستغرقا، فقول الشارح وهو أن إفراد الاسم أى: الاسم المفرد، وقوله والاستغراق أى: وذو الاستغراق وهو الأداة يدل على تعدده، وقوله وهما أى: الوحدة والتعدد متنافيان، فالتنافى واقع بين المدلولين، فقول المصنف ولا تنافى بين الاستغراق إلخ: إن جعل باقيا على ظاهره كان غير مناسب؛ لأنه جعل التنافى بين الاستغراق الذى هو مدلول حرف الاستغراق، والإفراد الذى هو الدال على الوحدة، والأنسب أن يجعل التنافى إما بين الدالين وهما حرف الاستغراق الدال على التعدد، والإفراد الدال على الوحدة، وإما بين المدلولين وهما الاستغراق والوحدة، قيل هذا الاعتراض إنما يظهر على القول بأن اسم الجنس موضوع للفرد المنتشر، أما على القول بأنه موضوع للماهية فلا يظهر؛ لأنه لا تنافى بين الماهية والتعدد؛ لأنها كما تتحقق فى ضمن الفرد تتحقق فى ضمن الجماعة، وعبارة ابن يعقوب قوله- ولا تنافى إلخ: دفع لبحث يرد وهو أن إفراد الاسم يدل على وحدة معناه؛ لأن اسم الجنس النكرة، إن قلنا بوضعه للفرد الشائع فدلالته على الوحدة ظاهرة، وإن قلنا بوضعه للحقيقة فالغرض منها ما تتحقق به وأقله ما يتبادر من الاستعمال وهو فرد واحد فكان إفراد الاسم مقتضيا للوحدة على كلا المذهبين والاستغراق ينافى ذلك. اهـ.