للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(نحو: وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ (١)) أى: نوع من الأغطية؛ وهو غطاء للتعامى عن آيات الله، وفى المفتاح أنه للتعظيم؛ أى: غشاوة عظيمة (أو التعظيم، أو التحقير،

===

شخصا يدل عليها نوعا، ولعل الشارح أخذ القصد من ياء المصدر بجعله مصدر المتعدى أى: الجعل نوعا، والجعل بالقصد، وقد تقدم نظير ذلك فى قوله وبالعلمية

(قوله: غشاوة) أى: فليس المراد فردا من أفراد الغشاوة؛ لأن الفرد الواحد لا يكون بالأبصار المتعددة، بل المراد نوع من جنس الغشاء، وذلك النوع هو غطاء التعامى كما قال الشارح، وإنما لم يعبر الشارح بالعمى إشارة إلى تكلفهم العمى عن الآيات؛ لأنه ليس بهم عمى حقيقة، بل يعرفون الآيات ويفهمونها، ولكن يظهرون أنهم لا يعرفونها، فالحاصل أن التعامى تكلف العمى، والمراد هنا الإعراض عن آيات الله، فإضافة الغطاء للتعامى من إضافة السبب للمسبب؛ لأن الغطاء القائم بالقلوب الذى يصرف الأبصار عن النظر فى آيات الله سبب فى تعاميهم، وإعراضهم عن آيات الله

(قوله: أى نوع من الأغطية) الأولى نوع من الغشاء؛ لأن الغشاء جنس تحته نوعان متعارف وهو القائم بالأعين المسمى بالعمى، والثانى غير متعارف وهو الغطاء الذى يصرف الأبصار عن النظر فى آيات الله لأجل الاعتبار، وأما الأغطية فهو جمع تحته أفراد وكلامنا فى الأنواع

(قوله: وفى المفتاح إلخ) أى: والأول ذكره الزمخشرى فى الكشاف.

(قوله: أى غشاوة عظيمة) أى: لكونها تحجب أبصارهم بالكلية وتحول بينها وبين إدراك الأدلة الموصولة لمعرفة المولى أى: وما قاله فى المفتاح أولى؛ لأن المقصود بيان بعد حالهم عن الإدراك والتعظيم أدل عليه وأوفى بتأديته، وقد يقال لا تنافى بين كلام المصنف والمفتاح؛ لأن الغشاوة العظيمة نوع من مطلق الغشاوة، فمراد المصنف بقوله نحو: وعلى أبصارهم غشاوة أى: نوع من الغشاء، وهو الغشاوة العظيمة، وذلك النوع هو غطاء التعامى- فتأمل.

(قوله: أو التعظيم أو التحقير) أى: يذكر المسند إليه نكرة لإفادة تعظيم معناه أو تحقيره، وأنه بلغ فى ارتفاع الشأن أو فى الانحطاط مبلغا لا يمكن أن يعرف لعدم الوقوف على عظمه فى الأول، ولعدم الاعتداد به والالتفات إليه فى الثانى.


(١) البقرة: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>