للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله: له حاجب (١)) أى: مانع عظيم (فى كل أمر يشينه) أى: يعيبه (وليس له عن طالب العرف حاجب) ...

===

(قوله: كقوله) أى: قول ابن أبى السمط بكسر السين وسكون الميم وهو من قصيدة من الطويل وقبل البيت:

فتى لا يبالى المدلجون بناره ... إلى بابه ألا تضىء الكواكب

يصمّ عن الفحشاء حتى كأنّه ... إذا ذكرت فى مجلس القوم غائب

له حاجب ... إلخ ... ...

والمراد بالحاجب هنا نفسه الإنسانية التى هى لطيفة ربانية لها تعلق بالقلب اللحمانى الصنوبرى الشكل تعلق العرض بالجوهر، وتسمى أيضا قلبا وروحا، وهى المخاطبة والمثابة والمعاقبة، فإن قلت: إن النفس بهذا المعنى تميل إلى القبائح الدينية والدنيوية فكيف تكون مانعة عن تلك الأمور؟ أجيب بأن ميلها لذلك بالنظر لذاتها، وأما إذا حفتها العناية الإلهية صارت مائلة إلى التطهير فتمنع بسبب ذلك من كل ما يشين

(قوله: أى مانع عظيم) أخذ هذا من كون المقام مقام مدح أى: إنه إذا أراد أن يرتكب أمرا قبيحا منعه مانع حصين عظيم بالغ فى العظمة إلى حيث لا يمكن تعيينه، وإذا طلب منه إنسان معروفا وإحسانا لم يكن له مانع حقير فضلا عن العظيم يمنعه من الإحسان إليه فهو فى غاية الكمال ولم يقم به نقص

(قوله: يشينه) من الشين وهو القبح

(قوله: وليس له عن طالب العرف) أى المعروف والإحسان، ثم إن الحجب يستعمل بعن بالنظر للمفعول الثانى، وأما الأول فيصل إليه بنفسه قال تعالى: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (٢) وحجبت زيدا عن الأمر، إذا علمت هذا فحاجب الأول قد جاء على الأصل؛ لأن صلته محذوفة وفى كل أمر ظرف مستقر صفة لحاجب أى له حاجب عن ارتكاب ما لا يليق فى كل أمر يشينه، أو أن فى بمعنى عن، وأما حاجب الثانى فقد جاء


(١) فى الإيضاح الفقرة ٣٧، التبيان ١/ ٧١، الإشارات والتنبيهات/ ٤١، المفتاح/ ١٣، شرح المرشدى على عقود الجمان ١/ ٦٦، ديوان المعانى ١/ ١٢٧، معاهد التنصيص ١/ ٢٧.
(٢) المطففين: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>