[و] هى نطفة أبيه المختصة به، أو كل نوع من أنواع الدواب من نوع من أنواع المياه؛ ...
===
أو أن قوله مِنْ ماءٍ متعلق بمحذوف صفة لدابة لا صلة لخلق، وحينئذ فلا يرد شىء من ذلك، وإنما عدل الشارح عما قاله البيضاوى من أن المعنى خلق كل فرد من أفراد الدواب من ماء هو جزء مادته، مع أنه لم يرد عليه هذا الإشكال المتقدم؛ لأن ما قاله مبنى على مذهب الحكماء من تركيب كل حيوان من العناصر الأربعة وهى الماء والنار والهواء والتراب
(قوله: وهى نطفة أبيه) أراد بالأب مطلق الأصل الشامل لكل من أبيه وأمه على طريق المجاز المرسل من إطلاق اسم الخاص وإرادة العام، فاندفع ما يقال إن خلقه من نطفة أبيه يتوقف على مخالطة نطفة أمه لنطفة أبيه، فكان الأولى أن يقول والنطفة الممتزجة من ماء أبويه، أو يقال: تخصيص الأب بالذكر- وإن كان مخلوقا من نطفتى الأب والأم- لكونه منسوبا إليه:
(قوله: أو كل نوع إلخ) هذا الاحتمال هو المناسب للتفصيل بعد ذلك وهو قوله: فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي (١) إلخ، إذ هو تفصيل للأنواع وحمله على الأفراد تكلف. قاله ابن قاسم.
إن قلت: إن النوع أمر كلى لا وجود له فى الخارج فلا يتعلق به ولا منه.
أجيب بأن الحكم بخلقه، والخلق منه باعتبار تحققه فى الأفراد، والحاصل أن المراعى على الاحتمال الأول: الأفراد، وعلى الاحتمال الثانى: النوع، لكن من حيث تحققه فى الأفراد فهما مختلفان من جهة الملحوظ أولا وبالذات
(قوله: من نوع من أنواع المياه) اعترض بأن هذا يقتضى أن كل نوع من أنواع المياه لا يخلق منه إلا نوع واحد من أنواع الحيوان، مع أنه قد يخلق من النوع الواحد من المياه نوعان من الدواب كالحمار والبغل، فإنهما يخلقان من ماء الحمار، وأجيب بأن المراد بنوع الماء الممتزج من ماء الذكر وماء الأنثى، وماء الحمار مع ماء الفرس غيره مع ماء الحمارة، هذا وترك الشارح حمل التنكير فى الأول على النوعية، والثانى على الفردية، والعكس لعدم صحة ذلك؛ لأنه لم يخلق نوع من الفرد ولا فرد من النوع، وإن كان ذلك ممكنا عقلا، لكن