للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفرغا مع امتناع نحو: ضربته إلا ضربا، على أن يكون المصدر للتأكيد؛ لأن مصدر ضربته لا يحتمل غير الضرب، والمستثنى منه يجب أن يكون متعددا يحتمل المستثنى وغيره، واعلم أنه كما أن التنكير الذى فى معنى البعضية يفيد التعظيم فكذلك صريح لفظة البعض كما فى قوله تعالى: وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ أراد محمدا صلّى الله عليه وسلّم ففى هذا الإبهام ...

===

يدخل فيه المستثنى فيخرج بالاستثناء، وليس مصدر نظن محتملا غير الظن مع الظن حتى يخرج الظن من بيته، وحينئذ فيلزم استثناء الشىء من نفسه مع التناقض وبما ذكره الشارح ينحل الإشكال ولا حاجة لما ذكره بعض النحاة من حمل الكلام على التقديم والتأخير أى: إن نحن إلا نظن ظنا، وكذا يقال فى نظائره

(قوله: مفرغا) أى استثناء مفرغا، فمفرغا نعت لمصدر محذوف وهو مصدر نوعى، ولا يصح جعله حالا من الاستثناء لفقدان شرط مجىء الحال من المضاف إليه المعتبر عند النحاة

(قوله: على أن يكون المصدر للتأكيد) أى:

وأما على جعله مبينا للنوعية أى: ضربا كثيرا أو قليلا، فيصح فلا فرق بين قولك ما ضربت إلا ضربا، وبين قوله تعالى إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا (١) فى أنه إن أريد بالمصدر فيهما بيان النوعية صح الاستثناء وإن أريد به مجرد التأكيد امتنع للزوم استثناء الشىء من نفسه والتناقض

(قوله: والمستثنى منه يجب إلخ) أى: لئلا يلزم استثناء الشىء من نفسه ويلزم التناقض؛ لأن ما ضربته مثلا يقتضى نفى الضرب وإلا ضربا يقتضى إثباته

(قوله: الذى فى معنى البعضية) وهو المراد به نوع من الجنس، وقوله يفيد التعظيم أى: أو التحقير أو التكثير أو التقليل، وذلك لأن التنكير للتنويع وكل من التعظيم والتحقير والتكثير والتقليل نوع

(قوله: فكذلك صريح لفظة البعض) أى: تفيد التعظيم من باب أولى، وكذلك قد يقصدها بها التحقير والتقليل، فمثال التعظيم ما ذكره الشارح، ومثال قصد التحقير بها قولك: هذا كلام ذكره بعض الناس، ومثال قصد التقليل قولهم كفى هذا الأمر بعض اهتمامه، وهذا مثل يقال لمن رأى شخصا فى همّة عظيمة لأجل أمر قليل، فبعض مفيدة لقلة الأمر أى: أن هذا الأمر لقلته يكفيه بعض ذلك الاهتمام.


(١) الجاثية: ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>