للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن مرتبة العامل التقدم على المعمول (وإما ليتمكن الخبر فى ذهن السامع؛ لأن فى المبتدأ تشويقا إليه) أى: إلى الخبر (كقوله:

والذى حارت البريّة فيه ... حيوان مستحدث من جماد) (١)

===

من أن ومعموليها، والتقدير لكونه الأصل فى حال عدم المقتضى للعدول عنه، قيل: ولا يصح أن تكون حالا من خبر أن وهو الأصل لما يلزم عليه من عمل أن فى الحال؛ لأن العامل فى الحال هو العامل فى صاحبها وأنه عامل ضعيف؛ لأنه عامل معنوى- وفيه نظر؛ لأن العامل المعنوى إنما يمتنع عمله فى الحال مؤخرا لا مقدما. قال فى الخلاصة:

وعامل ضمّن معنى الفعل لا ... حروفه مؤخّرا لن يعملا

فالحق جواز ذلك الوجه أيضا، ويصح أن تكون الجملة عطفا على خبر أن وهو الأصل

(قوله: فإن مرتبة العامل التقدم على المعمول) أى: لأنه لما أثر فيه رجح جانبه عليه بالتقديم؛ ولأن العامل علة فى المعمولية والعلة مقدمة على المعلول

(قوله: لأن فى المبتدأ تشويقا إليه) أى: لما معه من الوصف الموجب لذلك، أو الصلة كذلك كقوله:

حارت فى المثال: والحاصل أن فى قوله: حارت البرية تشويقا للنفس إلى علم الخبر، فإذا قيل حيوان تمكن فى النفس؛ لأن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب، وقد يقال: إن كون المبتدأ مشوقا للخبر إنما يدعو إلى التقديم لا لكونه أهم. اه أطول.

(قوله: حارت البرية فيه) أى: فى أنه يعاد أو لا يعاد أى: اختلفت فيه البرية، فأطلق الملزوم وأراد اللازم؛ لأن الحيرة فى الشىء يلزمها الاختلاف فاندفع ما يقال: إن الفريق القائل بالبعث جازم به، والبعض المنكر له جازم بعدمه، وإذا كان كل من أهل المذهبين جازما بمذهبه فأين الحيرة؟ أو يقال: إن الاختلاف من المجموع من حيث هو مجموع أثر حيرته، وإن كان كل واحد جازما بمذهبه، أو يقال: إن مذهب الهادى لما كان يحتاج إلى دفع الشبه، وكذا مذهب الضال ودفع الشبه لا يخلو غالبا عن حيرة


(١) من الخفيف، وهو لأبى العلاء المعرى فى داليته المشهورة بسقط الزند ٢/ ١٤٠٠، والمفتاح ص ٩٨، وشرح المرشدى ١/ ٥٩، ولطائف التبيان ص ٥١، والإشارات ص ٤٦، ومعاهد التنصيص ١/ ١٣٥، وشرح عقود الجمان ١/ ٦٨، والمصباح ص ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>