للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعنى: تحيرت الخلائق فى المعاد الجسمانى، والنشور الذى ليس بنفسانى؛ بدليل ما قبله:

===

فيكون إطلاق الحيرة واردا على أصله، فكأنه قال: والذى وقع فيه تحير أولا ولم يقع استقرار على حاله إلا بعد دفع الشبه معاد حيوان إلخ

(قوله: حيوان) أى: معاد حيوان، وقوله: مستحدث من جماد أراد به النطفة بناء على أن المراد بالجماد ما ليس بحيوان وإن انفصل عنه، أو أن المراد مستحدث من جماد باعتبار أصله وهى طينة آدم بناء على أن المراد بالجماد ما ليس بحيوان ولا منفصل عنه، أو المراد بالحيوان الأجسام الخارجة من القبور وهى مستحدثة من جماد وهو التراب الذى تنبت منه

(قوله: فى المعاد الجسمانى) أى: فى العود المتعلق بالأجسام، وكذا بالأرواح

(قوله: والنشور) أى: انتشار الخلق من قبورهم وتفرقهم فى الذهاب إلى المحشر، وقوله الذى ليس بنفسانى أى: الذى ليس متعلقا بالنفس فقط، بل متعلق بالنفس أى: الروح والجسم معا.

(قوله: بدليل ما قبله إلخ) أى: أن المراد بالحيوان المستحدث من جماد بنو آدم، والذى تحيرت البرية فيه معاده ونشوره بدليل ما قبله، وليس المراد بالحيوان المستحدث من جماد تحيرت البرية فيه ناقة صالح أو ثعبان موسى كما قال بعضهم: فإن الأول مستحدثة من الصخرة، والثانى مستحدث من العصا، وقد اختلف فيهما الناس فقيل ذلك ضلال وسحر، وقيل أمر حق ومعجزة لصالح وموسى، وقال بعضهم: المراد به طائر بالهند يقال له الفقنس يضرب به المثل فى البياض له منقار طويل فيه ثلثمائة وستون ثقبة على عدد أيام السنة إذا صوت يخرج من كل واحد منها صوت حسن يعيش ألف سنة، وإذا انتهى أجله وألهمه الله ذلك دخل عشه ونفخ فيه فيحدث فى العش أصوات مطربة فيحترق العش بنار تحدث حينئذ يحترق ذلك الطائر فى العش حتى يصير رمادا، ثم يخلق الله من ذلك الرماد بعد ثلاثة أيام ذلك الطائر مرة أخرى، ثم انتهى أجله فعل مثل ما فعل أولا وهلمّ جرّا، لكن أنت خبير بأن هذا البيت وحده لا يدل لما ادعاه من أن المراد بالحيوان المستحدث من جماد بنو آدم، وأن الذى تحيرت فيه البرية معاده لصدقه بناقة صالح وعصا موسى، نعم أبيات القصيدة من أولها تدل على ذلك، فالأولى

<<  <  ج: ص:  >  >>