(ولا: ما أنا ضربت إلا زيدا) لأنه يقتضى أن يكون إنسان غيرك قد ضرب كل أحد سوى زيد؛ لأن المستثنى منه مقدر عام وكل ما نفيته عن المذكور على وجه الحصر يجب ثبوته لغيره تحقيقا لمعنى الحصر؛ إن عاما فعام، وإن خاصا فخاص، وفى هذا المقام مباحث نفيسة وشحنا بها الشرح (وإلا) أى: وإن لم يل المسند إليه حرف النفى بأن لا يكون فى الكلام حرف نفى، أو يكون حرف النفى متأخرا عن المسند إليه ...
===
الذى وقع عليه النفى من العموم أو الخصوص، وأخطأ فى تعيين الفاعل كما يشهد بذلك الذوق والسليقة السليمة، فمنع ذلك بأن يقال: يمكن أن يقال لمن اعتقد رؤية غير المتكلم لبعض الآحاد لكفاية ذلك فى تحقق اختصاص المتكلم بهذا النفى غير ناهض، وتحصل أن هذا المثال وهو: ما أنا رأيت أحدا إن قيل جوابا لشخص اعتقد وقوع رؤيتك لكل أحد غير صحيح باعتبار استعمال البلغاء؛ لأن التركيب المفيد لتخصيص المتكلم بالنفى إنما يقال فى عرفهم لمن اعتقد وقوع الفعل على الوجه الذى وقع عليه النفى من العموم أو الخصوص، وأخطأ فى تعيين فاعله، وإن قيل جوابا لمن اعتقد رؤيتك لبعض الآحاد مخطئا فى وقوع هذه الرؤية منك فهو صحيح
(قوله: ولا ما أنا ضربت إلا زيدا) أى: لأن هذا يفيد بمنطوقه أن نفى الضرب لكل أحد غير زيد مقصور على المتكلم ويفيد بمفهومه أن يكون إنسان غيره ضرب كل أحد غير زيد، وهو باطل لعدم تأتى ذلك
(قوله: لأن المستثنى منه) أى: فى هذا المثال
(قوله: مقدر عام إلخ) أى:
فلو كان المستثنى منه يقدر خاصا صح الكلام كما فى نحو: ما أنا قرأت إلا الفاتحة، فإنه يفيد أن إنسانا غيره قرأ كل سورة إلا الفاتحة وهذا صحيح
(قوله: على وجه الحصر) أى: كما هنا؛ لأن ما وإلا يفيدان الحصر
(قوله: بأن لا يكون إلخ) بقى ما إذا كان حرف النفى مقدما إلا أنه مفصول من المسند إليه وهو داخل تحت قوله: وإلا بالنظر لقوله أولا أى: وقع بعدها بلا فصل فكان على الشارح زيادة ذلك، وقد يجاب بأن مراد الشارح- فيما تقدم بالتقييد بعدم الفصل- تفسير مفهوم الولى فى الاصطلاح لا تفسير المراد، إذ المراد بقوله سابقا إن ولى المسند إليه حرف النفى وقع بعدها كان بينهما