للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا: ما أنا رأيت أحدا) لأنه يقتضى أن يكون إنسان غير المتكلم قد رأى كل أحد من الناس؛ لأنه قد نفى عن المتكلم الرؤية على وجه العموم فى المفعول فيجب أن يثبت لغيره على وجه العموم فى المفعول ليتحقق تخصيص المتكلم بهذا النفى ...

===

الإخبار بمجرد عموم النفى صح ذلك، وكان قوله ولا غيرى قرينة على ذلك

(قوله: ولا ما أنا رأيت أحدا) أى: لا يصح هذا المثال أيضا بناء على ما يتبادر منه وهو الاستغراق الحقيقى، وإن أمكن تخصيصه بحمل النكرة الواقعة فى سياق النفى على الاستغراق العرفى بأن يحمل الأحد على الأحد الذى يمكن رؤيته

(قوله: قد رأى كل أحد من الناس) أى: وهو باطل، وقوله: لأنه أى المتكلم، وقوله قد نفى عن المتكلم إظهار فى محل الإضمار أى: قد نفى عن نفسه.

(قوله: على وجه العموم) متعلق بنفى لا بالرؤية كما يدل عليه قول الشارح سابقا، فالتقديم يفيد نفى الفعل عن المذكور وثبوته لغيره على الوجه الذى نفى عنه من العموم أو الخصوص، وقوله فى المفعول صفة للعموم أى: لأن الرؤية نفاها المتكلم عن نفسه على جهة العموم الكائن فى المفعول؛ لأن النكرة فى سياق النفى تعم

(قوله: ليتحقق إلخ) علة لقوله فيجب أن يثبت لغيره على وجه العموم، واعترض على هذا التعليل بأن تحقق تخصيص المتكلم بهذا النفى لا يتوقف على الثبوت لغيره على وجه العموم بل يوجد مع ثبوت رؤية غيره، ولو كان ذلك الغير واحدا فقط؛ وذلك لأن قولك ما أنا رأيت أحدا سلب كلى معناه نفى الرؤية الواقعة لكل فرد من أفراد الناس فيفيد عموم النفى، وتخصيصه بالمتكلم يقتضى أن يكون غيره ليس ملتبسا بهذه الصفة أى: انتفاء الرؤية لكل فرد، وهذا لا يقتضى أن يكون قد رأى كل أحد بل يكفى فيه أن يكون رأى واحدا؛ لأن السلب الكلى يرتفع بالإيجاب الجزئى، وحينئذ فيصح هذا المثال أعنى: ما أنا رأيت أحدا، فالتعليل المذكور يقتضى صحته مع أن المراد عدم صحته، فالحاصل أن التعليل المذكور منتج لخلاف المطلوب، وأجيب بأن التركيب المفيد لتخصيص المتكلم بالنفى، إنما يقال فى اصطلاح البلغاء لمن اعتقد وقوع الفعل على الوجه

<<  <  ج: ص:  >  >>