للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعز من المنساق بلا تعب، ولا يخفى أن هذا لا يحسن فى باب: نعم؛ لأن السامع ما لم يسمع المفسر لم يعلم أن فيه ضميرا فلا يتحقق فيه التشوق والانتظار (وقد يعكس) وضع المضمر موضع المظهر؛ أى: يوضع المظهر موضع المضمر (فإن كان) المظهر الذى وضع موضع المضمر (اسم إشارة فلكمال العناية بتمييزه) أى: تمييز المسند إليه (لاختصاصه بحكم بديع، كقوله (١):

===

(قوله: أعز من المنساق بلا تعب) وجه الأعزية أن فيه أمرين لذة العلم، ولذة دفع ألم التشوق، بخلاف المنساق بلا تعب، فإن فيه الأول فقط، ولا شك أن اللذة المشتملة على دفع الألم أحلى من اللذة الموجودة بدونه

(قوله: أن هذا) أى: التعليل (وقوله: فى باب نعم) أى: وكذا فى ضمير الشأن المستتر نحو: كان زيد قائم.

(قوله: ما لم يسمع المفسر) أى: أن السامع مدة عدم سماعه المفسر لم يعلم أن فيه ضميرا لأنه قبل سماعه للمفسر يجوز أن الفاعل اسم ظاهر يأتى به المتكلم بعد ذلك فإذا سمع التمييز علم جنس الضمير فلا يتشوق ولا ينتظر لشىء لأنه حصلت له معرفة جنس الضمير ابتداء

(قوله: فلا يتحقق فيه التشوق إلخ) أى: وحينئذ فتعليل وضع المضمر موضع المظهر فى باب نعم بما ذكره من البيان غير سديد وقد يجاب بأن مراد المصنف ليتمكن فى ذهن السامع ما يعقبه بعد العلم بالضمير والعلم بالضمير لا ينحصر فى سماع المفسر لجواز أن يعلم بالقرينة ولعله لذلك لم يقل الشارح لا يصح فى باب نعم كذا فى عبد الحكيم

(قوله: فلكمال العناية) أى: فلأجل إفادة أن المتكلم اعتنى بتمييز المسند إليه اعتناء كاملا حيث أبرزه فى معرض المحسوس

(قوله: لاختصاصه) أى وإنما يعتنى المتكلم اعتناء كاملا بتمييزه لاختصاصه أى لاختصاص مدلوله أى لكون مدلوله مختصا فى العبارة بحكم أى بأمر محكوم به عليه بديع أى عجيب

(قوله: كقوله) أى:


(١) البيتان لأحمد بن يحيى المعروف بابن الرّاوندىّ، وكان يرم ى بالزندقة، وكان على مذهب المعتزلة، ألحد وتزندق، وتوفى سنة ٢٥٠ هـ. أوردهما بدر الدين بن مالك فى المصباح: ٢٩، وهما فى المفتاح: ٢٩٤، وشرح عقود الجمان ١/ ١٠٤، ومعاهد التنصيص ١/ ١٤٧، والإيضاح ٧٦، وقد أورد الإمام الطيبى فى التبيان ١/ ١٥٨ فى جوابه بيتين لطيفين هما:
كم من أديب فهم قلبه ... مستكمل العقل مقلّ عديم
ومن جهول مكثر ماله ... " ذلك تقدير العزيز العليم"
والشطر الثانى مقتبس من سورة الأنعام، الآية: ٩٦.-

<<  <  ج: ص:  >  >>