للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلب جانب المعنى على جانب اللفظ لأن القياس: يجهلون- بياء الغيبة- لأن الضمير عائد على قوم ولفظه لفظة الغائب لكونه اسما مظهرا لكنه فى المعنى عبارة عن المخاطبين فغلب جانب الخطاب على جانب الغيبة. (ومنه: ) أى: ومن التغليب (أبوان) للأب والأم (ونحوه) كالعمرين لأبى بكر وعمر، والقمرين للشمس والقمر بأن يغلب أحد المتصاحبين أو المتشابهين على الآخر بأن يجعل الآخر ...

===

وهذا الاعتراض مبنى على ما مر عن صاحب البيان فى ضابط التغليب، أما على ما قاله غيره من أنه إعطاء أحد المتصاحبين أو المتشابهين حكم الآخر بأن يجعل الآخر موافقا له فى الهيئة أو المادة فلا يرد ذلك

(قوله: غلب) أى: رجح جانب المعنى وهو الخطاب على جانب اللفظ وهو الغيبة نظرا لقوم

(قوله: لكنه فى المعنى عبارة عن المخاطبين) أى: لأنه محمول على أنتم، فمدلول قوم هنا الذوات المخاطبون؛ لأن الخبر عين المبتدأ فى المعنى

(قوله: فغلب جانب الخطاب إلخ) اعلم أن استعمال تجهلون فى ذلك الموضع مجاز وتوضيحه أن صيغة تجهلون موضوع للجماعة المخاطبين غير المذكورين بلفظ الغائب، فاستعمل فى الجماعة المخاطبين المذكورين بلفظ الغائب لعلاقة الصحبة أو الضدية أو المشابهة.

(قوله: ومنه إلخ) فصله بمن عن النوعين السابقين تنبيها على أن بينه وبينهما تفاوتا، وذلك لشهرة كثير منه وتداوله فى مقامات عديدة: كالأبوين والعمرين، فكأنه قال: ومنه ما اشتهر من أبوين ونحوه، وهذا التغليب يسمى تغليب التثنية، وظاهر كلامهم أنه سماعى، بل صرح بذلك بعضهم.

(قوله: والقمرين للشمس والقمر) وعليه قول المتنبى: (١)

واستقبلت قمر السّماء بوجهها ... فأرتنى القمرين فى وقت معا

أراد الشمس وهو وجهها وقمر السماء يعنى أن وجهها لشدة صقالته انطبعت فيه صورة القمر لما استقبلته، كما تنطبع الصورة فى المرآة فرأى برؤية وجهها الشمس والقمر فى آن واحد

(قوله: وذلك) أى: وكيفية ذلك أى: التغليب، والباء فى قوله بأن


(١) البيت من الكامل، وهو للمتنبى فى ديوانه ٢/ ٤، ومغنى اللبيب ٢/ ٦٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>