للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى: وما لكم لا تعبدون الذى فطركم بدليل: وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١) إذ لولا التعريض لكان المناسب أن يقال: وإليه أرجع ...

===

أى: السكاكى

(قوله: أى وما لكم لا تعبدون) ليس هذا بيانا للمعنى الذى استعمل فيه ومالى إلخ، بل هو بيان للمعرض بهم وهو المراد من الكلام؛ وذلك لأن المراد الإنكار على المخاطبين فى عدم العبادة بطريق التعريض لا إنكار المتكلم على نفسه، وإنما كان المراد ذلك بدليل قوله تعالى بعد: وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ إذ لولا الإشارة إلى المخاطبين بهذا الإنكار على وجه التعريض لكان المناسب وإليه أرجع؛ لأنه الموافق للسياق، واعترض على المصنف بأنه قد تقدم التمثيل بهذه الآية للالتفات على مذهب السكاكى، ومقتضى ما تقدم فى الالتفات أن المعبر عنه بالتكلم فى قوله: مالى، هم المخاطبون على وجه المجاز؛ لأن الالتفات على مذهبه هو التعبير عن معنى اقتضاء المقام بطريق آخر غير ما هو الأصل فيه، وإذا كان التعريض هو أن يعبر عن معنى بعبارة هى فيه حقيقة أو مجاز ليفهم غير ذلك المعنى بالقرائن تحقق التنافى بينهما لاقتضاء الأول وهو كونه للالتفات أن المراد نفس المخاطبين، واقتضاء الثانى وهو كونه للتعريض أن المراد المتكلم ولكن لينتقل منه إلى المخاطبين بالقرينة، وقد يجاب بأن المراد فى الالتفات بكون التعبير عن معنى بطريق غير طريقه كون التعبير لإفادة ذلك المعنى ولو بالانتقال إليه بالقرائن ولو لزم التسامح فى إطلاق التعبير على نحو هذا القصد، وعلى هذا فكونه للالتفات لا ينافى كونه للتعريض، بل يصح كونه التفاتا من حيث إن المعنى المنتقل إليه عدل عن طريقه مع اقتضاء المقام إياه وكونه تعريضا من حيث مجرد التلويح له بالقرائن فافهم هذا، فإن فيه دقة- أفاده العلامة اليعقوبى، وأجاب العلامة ابن قاسم: بأن الآية صالحة للالتفات بأن يكون قوله:

وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي مستعملا فى المخاطبين بأن يكون عبر عنهم بطريق التكلم مجازا على سبيل الالتفات وصالح للتعريض بأن يكون المراد من قوله وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي حقيقة وهو المتكلم المخصوص فيصح أن يجعل التفاتا وأن يجعل


(١) يس: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>