للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه كما أن المضارع المثبت يفيد استمرار الثبوت يجوز أن يفيد المنفى استمرار النفى والداخل عليه لو يفيد استمرار الامتناع كما أن الجملة الإسمية المثبتة تفيد تأكيد الثبوت ودوامه ...

===

الوجه الأول، فإن الفعل الدال على الاستمرار ملحوظ قبل النفى فهو من نفى القيد، وفى تأخير هذا الوجه الثانى وتعبيره فى جانبه بالجواز إشارة لرجحان الوجه الأول ولذلك قال فى المطول: إنه الظاهر، ووجه ذلك بأمرين:

الأول أن القياس اعتبار الامتناع واردا على الاستمرار حسب ورود كلمة لو المفيدة للامتناع على صيغة المضارع المفيد للاستمرار؛ لأن استفادة المعانى من الألفاظ على وفق ترتيبها، وأما اعتبار الاستمرار واردا على النفى فهو خلاف القياس فلا يصار إليه إلا عند تعذر الجريان على موجب القياس نحو: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (١) أو لم يكن فيه مزية كما فى قوله تعالى وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢) حيث حمل على استمرار نفى الحزن عنهم إذ ليس فى نفى استمرار الحزن مزيد فائدة.

الثانى: أن العلة فى نفى عنتهم نفى الاستمرار على إطاعتهم، لا استمرار نفى الإطاعة الذى تضمنه ذلك الوجه الثانى؛ وذلك لأن استمرار نفى الإطاعة يقتضى أن أصل الفعل وهو الإطاعة منفى بخلاف نفى الاستمرار على الإطاعة فإنه يفيد ثبوته ومعلوم أن أصل الإطاعة لا يترتب عليه العنت لما يترتب عليه من مصلحة استجلابهم واستمالة قلوبهم- ا. هـ سم.

(قوله: لأنه كما أن إلخ) علة لقوله ويجوز إلخ ودفع بهذا ما يقال معنى قولهم: إن المضارع يفيد الاستمرار أى: استمرار معناه وهذا الاحتمال بخلافه؛ لأنه يلزم عليه أن المضارع إنما أفاد استمرار معنى لو وهذا خلاف القاعدة، وحاصل الدفع أنه لا مانع من كون الفعل المضارع المنفى يفيد استمرار النفى كما أن المثبت يفيد استمرار الثبوت، وذلك إذا لوحظ النفى قبل دخول الفعل المفيد للاستمرار بحيث جعل النفى كأنه جزء من الفعل.

(قوله: كما أن الجملة الاسمية إلخ) هذا تنظير للفعلين المثبت والمنفى وهذا


(١) الكهف: ٤٩.
(٢) البقرة: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>