للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أبلغ وجه وآكده (كما فى قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) (١) حيث لم يقل: الله مستهزئ بهم قصدا إلى استمرار الاستهزاء وتجدده وقتا فوقتا (و) دخولها على المضارع (فى نحو: وَلَوْ تَرى) (٢) الخطاب لمحمد- عليه الصلاة والسّلام- ...

===

(قوله: على أبلغ وجه) متعلق بقوله ردا

(قوله: وآكده) مرادف لما قبله وهو بالمد لا بهمزتين لقول الخلاصة:

ومدّا ابدل ثانى الهمزين من ... كلمة إن يسكن كآثر وائتمن

(قوله: الله يستهزئ بهم) الاستهزاء هو السخرية والاستخفاف، والمراد به إنزال الحقارة والهوان بهم فهو من باب إطلاق الشىء على غايته لعلاقة السببية؛ لأن غرض المستهزئ من استهزائه إدخال الهوان على المستهزأ به، فيستهزئ مجاز مرسل ويصح أن يكون استعارة تبعية بأن شبه الهوان بالاستهزاء واستعير اسم المشبه به للمشبه، واشتق منه يستهزئ بمعنى ينزل الهوان بهم، ويحتمل أن يكون من باب المشاكلة بأن سمى جزاء الاستهزاء باسمه لوقوعه فى صحبته، كما سمى جزاء السيئة سيئة لوقوعه فى صحبتها، وحينئذ فهو مجاز مرسل علاقته المجاورة أو المصاحبة.

(قوله: حيث لم يقل إلخ) أشار بذلك إلى أن التنظير من حيث مطلق العدول إلى المضارع، وإن كان العدول هنا عن اسم الفاعل إلى المضارع وفيما سبق العدول عن الماضى إلى المضارع، وإنما كان الأصل المعدول عنه هنا اسم فاعل لاقتضاء المقام إياه لمشاكلة ما وقع منهم؛ لأنهم قالوا إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (٣).

(قوله: وتجدده وقتا فوقتا) هذا تفسير لما قبله وهو محط القصد وإلا فالاستمرار مفاد بالاسمية المعدول عنها أيضا بمعونة المقام، لكن فرق بين الاستمرارين؛ لأن الاستمرار فى الاسمية فى الثبوت والاستمرار فى وضع المضارع موضع الماضى فى التجدد وقتا فوقتا، والثانى أبلغ

(قوله: ولو ترى إذ وقفوا على النار إلخ) نزل ترى منزلة


(١) البقرة: ١٥.
(٢) البقرة: ١٤.
(٣) الأنعام: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>