للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تعلق فعل المشيئة ببكاء الدم غريب؛ فذكره ليتقرر فى نفس السامع ويأنس به (وأما قوله:

فلم يبق منّى الشوق غير تفكّرى ... فلو شئت أن أبكى بكيت تفكّرا (١)

(فليس منه) أى: مما ترك فيه حذف مفعول المشيئة بناء على غرابة تعلقها به على ما ذهب إليه صدر الأفاضل فى ضرام السقط من أن المراد: لو شئت أن أبكى تفكرا بكيت تفكرا؛ فلم يحذف مفعول المشيئة، ولم يقل: لو شئت بكيت تفكرا ...

===

لكن أعاننى على ترك ذلك الصبر

(قوله: غريب) أى: لقلة ذكره كذلك فى كلام البلغاء

(قوله: فذكره) أى: بكاء الدم الذى هو المفعول وإن كان الجواب دالا عليه

(قوله: ليتقرر) أى: ذلك المفعول فى نفس السامع؛ لأنه صار مذكورا مرتين المرة الثانية بإعادة الضمير عليه

(قوله: ويأنس به) أى: لتكرره عليه بخلاف لو حذف أولا، ثم ذكر مرة واحدة فلا تأنس به النفس

(قوله: وأما قوله) أى: قول أبى الحسن على بن أحمد الجوهرى

(قوله: فليس منه) أى ولا من الحذف للبيان بعد الإبهام، بل ليس من الحذف مطلقا لذكر المفعول، وهو أن أبكى المتبادر منه البكاء الحقيقى

(قوله: أى مما ترك فيه حذف مفعول المشيئة بناء على غرابة تعلقها إلخ) أى: وإنما هو مما ترك فيه الحذف لعدم الدليل عليه لو حذف، والحاصل أن مفعول المشيئة هنا مذكور باتفاق المصنف وصدر الأفاضل، وإنما الخلاف بينهما فى علة ذكره، فالمصنف يعلل ذكره بعدم الدليل عليه لو حذف، وصدر الأفاضل يعلله بغرابة تعلق الفعل به إذا علمت هذا تعلم أن النفى بليس مسلط على القيد الذى هو قوله بناء على غرابة تعلقها به، والمعنى أن ترك الحذف الذى هو عبارة عن الذكر لأجل الغرابة كما يقول صدر الأفاضل منفى، بل ترك الحذف لعدم الدليل عليه لو حذف وتعلم أن قوله على ما ذهب إلخ: متعلق بالمنفى الذى هو ترك الحذف لأجل الغرابة

(قوله: صدر الأفاضل) هو الإمام أبو المكارم المطرزى تلميذ


(١) البيت من الطويل، وهو للجوهرى من شعراء الصاحب بن عباد، فى الإيضاح ١١٢، وفى شرح عقود الجمان ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>