للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يبق منى غير خواطر تجول فىّ حتى لو شئت البكاء فمريت جفونى وعصرت عينى ليسيل منها دمع لم أجده، وخرج منها بدل الدمع التفكر، فالبكاء الذى أراد إيقاع المشيئة عليه بكاء مطلق مبهم غير معدى إلى التفكر البتة، والبكاء الثانى مقيد معدى إلى التفكر فلا يصلح تفسيرا للأول وبيانا له كما إذا قلت: لو شئت أن تعطى درهما أعطيت درهمين؛ كذا فى دلائل الإعجاز.

===

كثرته مع بقاء مادة أخرى، وهذا المعنى لا يناسب قوله فلم يبق منى الشوق غير تفكرى- ا. هـ يعقوبى.

(قوله: فلم يبق) بضم الياء وضميره للتحول وقوله تجول أى: تتردد تذهب وتأتى

(قوله: حتى لو شئت البكاء) أى: الحقيقى

(قوله: فمريت جفونى) بتخفيف الراء أى: مسحتها وأمررت يدى عليها ليسيل الدمع

(قوله: وعصرت إلخ) مرادف لما قبله وضمير أجده للدمع

(قوله: وخرج منها) أى: من العين، وقوله بدل الدمع أى: المطلوب وقوله التفكر أى: الذى ليس بمطلوب وكان الأولى للشارح حذف هذا؛ لأن التفكر لا يخرج من العين وإنما يقوم بالقلب

(قوله: مطلق مبهم) الثانى تفسير للأول والمراد بإطلاقه وإبهامه عدم إرادة تعلقه بمفعول مخصوص، والمعنى لو شئت أن أوجد حقيقة البكاء ما قدرت على الإتيان بها لعدم مادة منى، وحينئذ فأبكى منزل منزلة اللازم- كذا قال بعضهم، ولكن الأليق بقول المصنف أن المراد بالبكاء الأول البكاء الحقيقى لا البكاء التفكرى أن يقال: إن المعنى فلو شئت أن أبكى دمعا لبكيته فحذف المفعول للاختصار، إلا أن هذا اللائق بكلام لمصنف يبعده قول الشارح مطلق مبهم؛ لأنه قد اعتبر تعلقه بمفعول مخصوص، اللهم إلا أن يقال: المراد بقوله مطلق مبهم أنه غير معدى للتفكر فلا ينافى أنه بكاء دمع وعلى هذا فقوله غير معدى إلخ، تفسير لما قبله أو يقال: المراد أنه مطلق ومبهم من حيث اللفظ لعدم تعينه بالإضافة فلا ينافى أن المراد البكاء الحقيقى والمفعول محذوف اختصار

(قوله: معدى إلى التفكر) تفسير لقوله مقيد.

(قوله: فلا يصلح تفسيرا للأول) لأنه مباين له أى: وحينئذ فذكر مفعول المشيئة لعدم الدليل الدال عليه عند الحذف لا لكون تعلق الفعل به غريبا

(قوله: كما إذا قلت لو شئت أن تعطى درهما أعطيت درهمين) أى: ولو حذف درهما لتوهم أن المراد

<<  <  ج: ص:  >  >>