للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: يحتمل أن يكون المعنى: لو شئت أن أبكى تفكرا بكيت تفكرا؛ أى: لم يبق فىّ مادة الدمع فصرت بحيث أقدر على بكاء التفكر؛ فيكون من قبيل ما ذكر فيه مفعول المشيئة لغرابته؛ وفيه نظر؛ لأن ترتب هذا الكلام على قوله: لم يبق منى الشوق غير تفكرى- يأبى هذا المعنى عند التأمل الصادق؛ لأن القدرة على بكاء التفكر لا تتوقف على أن لا يبقى فيه غير التفكر؛ فافهم.

===

(قوله: وقيل يحمل إلخ) الفرق بين هذا ما قاله صدر الأفاضل أن قائل هذا يجوز ما قاله المصنف كما يجوز ما قاله صدر الأفاضل بقرينة قول الشارح يحتمل فما أوجبه صدر الأفاضل جوزه صاحب هذا القيل، وفرق بعضهم بفرق آخر، وحاصله أن هذا القول يغاير قول صدر الأفاضل من جهة أن صدر الأفاضل اعتبر أن المعنى لو أردت أن أبكى تفكرا لبكيته ولم يعتبر عدم بقاء مادة الدمع بخلاف هذا القائل فإنه اعتبر أن المعنى لم يبق فىّ الشوق مادة دمع وصرت أقدر على بكاء التفكر فلو شئت أن أبكى لبكيت تفكرا وعلى كل حال فيرد عليهما بما ذكره الشارح بقوله: وفيه نظر هذا- وقرر شيخنا العدوى: أن هذا القيل عين ما قاله صدر الأفاضل وإنما أعاده الشارح لأجل بيان توجيهه، والاعتراض عليه.

(قوله: لأن ترتب هذا الكلام) أعنى قوله: فلو شئت أن أبكى بكيت تفكرا والترتب جاء من حيث التعبير بالفاء المفهمة أن ما بعدها مرتب على ما قبلها ومتوقف عليه من حيث أن الأول سبب فى الثانى

(قوله: لأن القدر إلخ) حاصله أن بكاء التفكر عبارة عن الحزن وأسف النفس على عدم نيل المراد فلو كان المراد لو شئت البكاء التفكرى لبكيته لما رتبه على عدم إبقاء الشوق غير الخواطر؛ لأنه لا اختصاص لبكاء التفكر أعنى: حصول الأسف والحزن بمن لم يبق فيه الشوق سوى الخواطر لجواز حصول ذلك الأسف والحزن من غيره أيضا وهو من يقدر على البكاء بالدمع والمناسب للترتب كونه إذا طلب بكاء آخر لم يجد سوى التفكر، وقد يقال المراد لم يبق منى الشوق غير تفكرى فصرت بحيث أقدر على بكاء التفكر فقط دون بكاء الدمع والدم ونحوهما، فلو شئت أن أبكى تفكرا بكيت تفكرا ورد بأن هذا يتوقف على أنه لم يبق

<<  <  ج: ص:  >  >>