إلى دين، وسمّيت الحنيفية لأنها مالت عن اليهودية والنصرانيّة. والحنف في القدمين أن تميل كلّ واحدة منهما بإبهامها على صاحبتها. ولّما خرج عتبة بن ربيعة لينصر عير قريش كنت تخرج خوالف قريش في الليل إلى أبي قبيس، فسمعوا في الليلة التي أوقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صبيحتها بأهل بدر صائحاً يقول:
أزار الحنيفيّون بدراً وقيعة ... سينقض منها ركن كسرى وقيصرا
أبادت رجالاً من قريش وجرّدت ... خرائد يلطمن الترائب حسّرا
أيا ويل من أمسي عدوّ محمد ... لقد جار عن قصد الهدى وتحيّرا
فقالوا ما الحنيفيّون؟ فقال بعضهم: إنّ محمداً يقول جئت بالدين الحنيف دين إبراهيم عليه السلام، فأرّخوا تلك الليلة فإذا هي الليلة التي ذكرنا. وكانت كبشة قد أنكرت على عمرو أخذ دية أخيهما عبد الله ولها في ذلك أشعار منها قولها:
أرسل عبد الله إذ حان يومه ... إلى قومه لا تتركوا لهم دمي
ولا تأخذوا منهم إفالاً وأبكراً ... وأترك في بيت بصعدة مظلم
ودع عنك عمراً إن عمراً مسالم ... وهل بطن عمرو غير شبر لمطعم
وقد أنشده أبو علي كاملاً بعد هذا " ٣ - ١٩٤، ١٩٠ ".
هنا تم الثلث الأول من تجزئة مؤلّفه والله يعين على التمام