للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضاربين لدى أعنّتهم ... والطاعنين وخيلهم تجري

والخالطين نحيتهم بنضارهم ... وذوي الغنى منهم بذي الفقر

وعيب على زهير قوله:

على مكثريهم رزق من يعتريهم ... وعند المقلّين السماحة والبذل

فأثبت فيهم مقلّين. وروى أبو عمر المطرّز قال أخبرني أبو جعفر ابن أنس الكرباسيّ عن رجاله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ذات يوم في طريق من طرقات مكّة فسمع جارية تنشد:

كانت قريش بيضة فتفلّقت ... فالمحّ خالصه لعبد الدار

فأقبل على أبي بكر فقال أهكذا قال الشاعر، قال فداك أبي وأمّي! إنما قال:

فالمحّ خالصه لعبد مناف

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم: وليس ميل الرجل إلى أهله بعصبيّة. والعرب تقول هو بيضة البلد يمدحونه بذلك، وتقول للآخر: هو بيضة البلد يذمّونه به. فالممدوح يراد به البيضة التي يحتضنها الظليم ويصونها ويوقّيها لأنّ فيها فرخه، والمذموم يراد به البيضة المنبوذه بالعراء المذرة التي لا حائط لها ولا يدري لها أب وهي تريكة الظليم. قال الرّمّانيّ: إذا كانت النسبة إلى مثل المدينة والبصرة فبيضة البلد مدح، وإن نسبت إلى البلاد التي أهلها أهل ضعة فبيضة البلد ذمّ. قال حسّان في المدح:

أمسى الجلابيب قد عزّوا وقد كثروا ... وابن الفريعة أمسى بيضة البلد

أي واحد البلد، وكان المنافقون يسمّون المهاجرين الجلابيب، فلما قال حسّان هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>