إلى أن تروّحنا بلا متعنّت ... عليه كسيد الردهة المتأوّب
النعمة: التنّعم والنعمة اليد وما أنعم به عليك. وقوله فقل في مقيل تعجّب مما هم فيه من النعمة وأراد في مقيل متغيّب نحسه فقدّم وأخّر. والظباء والبقر عيونها سود في حال الحياة فإذا ماتت بدا بياضها فلذلك شبهها بالجزع الذي في بياض وسواد بعد ما موّتت. وهذا التشبيه من التشبيهات العقم التي لم يسبقه أحد إليها ولا تعاطاها أحد بعده. ولو قال الجزع وقام به البيت وأمسك عن قوله الذي لم يثقّب لكان من أبدع تشبيه وأحسنه، ثم زاده تتميماً وحسناً بقوله الذي لم يثقّب وكمل له بذلك نظم البيت ووضع القافية. وهذه الصناعة من الشعر تسمّى التبليغ لأنه أتى بمعنى زائد بلّغه إلى القافية. والمضهّب: الذي لم يبلغ نضجه من اللحم. وقال بعض أهل اللغة: لا يكون المشّ إلا المسح بالشيء الذي يفشّ الدسم. ومعنى هذا البيت أيضاً مما سبق إليه امرؤ القيس فتبعه الناس. قال عبدة بن الطبيب من بني عبشمس بن سعد بن زيد مناة بن تميم شاعر مقدّم مخضرم يكنى أبا يزيد قال:
لما وردنا رفعنا ظلّ أردية ... وفار للقوم باللحم المراجيل
ورد وأشقر لم ينهئه طابخه ... ما غيّر الغلي منه فهو مأكول