وفعل الصحابة رضي الله عنهم ومنهم سعد بن أبي وقاص كما رواه الإمام مالك في الموطأ كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص؛ أنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككت. فقال سعد: لعلك مسست ذكرك؟ قال: فقلت نعم. فقال: قم، فتوضأ. فقمت، فتوضأت، ثم رجعت.
وأجاب عن ذلك القائلون بالجواز بأن الاستدلال بالآية الكريمة لا يسلم للقائلين بالمنع وذلك لأن جمهور المفسرين ذهبوا إلى أن الضمير في الآية في قوله:{لَّا يَمَسُّهُ} المقصود به الكتاب المكنون الذي في السماء، والمطهرون هم الملائكة، وهذا ما يشعر به سياق الآيات الكريمة، قال تعالى:{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} ويؤيد ذلك قوله تعالى {فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ}.
أما الحديث " لا يمس القرآن إلا طاهر " فلفظ " طاهر " لفظ مشترك، يطلق على الطاهر من الحدث الأكبر، والطاهر من الحدث الأصغر، ويطلق على المؤمن، وعلى من ليس على بدنه نجاسة، ولابد لحمله على معين من قرينه، والأحاديث التي احتجوا بها في المنع لا يثبت منها شيء. قال الإمام ابن حزم - رحمه الله -: (وأما مس المصحف فإن الآثار التي احتج بها من لم يجز للجنب مسه فإنه لا يصح