أنزل الله القرآن للإيمان به وتعلمه وتلاوته وتدبره والعمل به وتحكيمه والتحاكم إليه والاستشفاء به من أمراض القلوب وأدرانها إلى غير ذلك من الحكم التي أرادها الله من إنزاله. والإنسان قد يهجر القرآن فلا يؤمن به ولا يسمعه ولا يصغي إليه، وقد يؤمن به ولكن لا يتعلمه، وقد يتعلمه ولا يتلوه، وقد يتلوه ولكن لا يتدبره، وقد يحصل التدبر ولكن لا يعمل به، فلا يحل حلاله ولا يحرم حرامه ولا يحكمه ولا يتحاكم إليه ولا يستشفي به مما فيه من أمراض في قلبه وبدنه، فيحصل الهجر للقرآن من الشخص بقدر ما يحصل منه من الإعراض كما سبق (١).
فعلى العبد أن يتقي الله في نفسه وأن يحرص على الانتفاع بالقرآن في شتى وجوه الانتفاع، ويفوته من الخير بقدر ما يتصف به من الهجر).
وإلى نفس المعنى وهو أن الهجر لا يأخذ حكماً واحداً، ولكن يختلف باختلاف الأشخاص، وعلى حسب ما فيه من الهجر، أشار الإمام ابن القيم - رحمه الله -
(١) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (٤/ ٦٨، ٦٩) من الفتوى رقم (٨٨٤٤) طبعة دار أولي النهى. الطبعة الأولى. .