قال أبو بكر: بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي. فرجع إلى النفقة التي كان ينفق عليه وقال: والله لا أنزعها منه أبداً ...) (١).
فانظر - رحمنا الله وإياك - كيف أن مسطح بن أثاثة خاض مع من خاض في عِرْضِ أم المؤمنين ومع ذلك ما أن نزلت الآية حتى استجاب أبو بكر لأمر الله وأعاد النفقة التي كان ينفق على مسطح، لأن هدفهم هو رضوان الله تعالى والجنة.
فشتان شتان ما بين السلف الصالح والخلف اليوم، من العداوات لأتفه الأسباب، وإطالة الخصام بدون أسباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
[٢ - فاروق الأمة والخليفة العادل]
عمر بن الخطاب وما أدراك ما عمر، عمر فاروق هذه الأمة أول من لقب بأمير المؤمنين، الخليفة العادل، الذكي العبقري، المحدث الملهم، عمر الذي وافق ربه في مواضع كثيرة، عمر الذي كان ينزل القرآن مؤيد لرأيه، عمر الذي ما سلك فجاً إلا سلك الشيطان فجاً غير فجه.
عمر الذي أعز الله به الإسلام، عمر الذي توفي رسول الله وهو عنه راض، عمر الباب الحائل دون الفتنة، عمر الوقاف عند حدود الله.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحُرِّ بن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته، كهولاً كانوا أو شباباً.
فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير، فاستأذن لي عليه، قال: سأستأذن لك عليه.
(١) رواه البخاري - فتح الباري (٨/ ٣٠٩) كتاب التفسير حديث (٤٧٥٠) طبعة الريان.