للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: حكم التدبر

إن تدبر القرآن الكريم من أجل الطاعات، وأفضل القربات، وأسمى العبادات؛ لأنه من خلاله يفهم الإنسان مراد الله - سبحانه وتعالى -؛ ولهذا قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (٢٩) سورة ص.

قال العلامة السعدي - رحمه الله -:

(أي هذه الحكمة من إنزاله؛ ليتدبر الناس آياته فيستخرجوا علمها، ويتأملوا أسرارها وحكمها ... وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة القراءة التي لا تحصل هذا المقصود) (١).

قال الإمام القرطبي - رحمه الله -:

(وفي هذا دليل على وجوب معرفة معاني القرآن، ودليل على أن الترتيل أفضل من الهذ (٢)، إذ لا يصح التدبر مع الهذ، قال الحسن: تدبر آيات الله اتباعها) (٣).

قال الإمام الزركشي - رحمه الله -: (كراهة قراءة القرآن بلا تدبر).

تكره قراءة القرآن بلا تدبر، وعليه حُمِل حديث عبد الله بن عمرو: "لا يفقه مَنْ قرأ القرآن في أقل من ثلاث " (٤).

وقول ابن مسعود لمن أخبره أنه يقوم بالقرآن في ليلة: أهذاً كهذ الشعر (٥). وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الخوارج: " يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم


(١) تفسير الكريم الرحمن للشيخ السعدي (٦/ ٤١٨).
(٢) الهذ: سرعة القراءة بدون تأمل.
(٣) الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي (١٥/ ١٩٢) المجلد الثامن، طبعة مناهل العرفان.
(٤) (حديث صحيح) رواه أبوداود وأحمد والترمذي وابن ماجه، انظر صحيح الجامع (٧٧٤٣).
(٥) رواه البخاري (٥٠٤٣).

<<  <   >  >>