على المطلوب، فذكرت أنه لابد من محل قابل للتأثر، وهو القلب الحي، وأنه لابد من تحصيل شرط وهو إصغاء السمع وحضور القلب، وأنه لابد من انتفاء مانع يمنع من حصول الأثر وهو انشغال القلب وذهوله) (١).
رابعاً: سبب هجر استماع القرآن
من الأسباب الرئيسة لهجر استماع القرآن الكريم، استماع الغناء واللهو والمزمار، الذي أصبح سمة غالبة لكثير من المسلمين - إلا مَنْ رحم الله -.
ولقد صرح بذلك العلامة ابن القيم - رحمه الله - فقال:
(ومن مكايد عدو الله ومصائده، التي كاد بها مَنْ قَلَّ نصيبه من العلم والعقل والدين، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين: سماع المكاء، والتصدية، والغناء بالآلات المحرمة، الذي يصد القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان. فهو قرآن الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن، وهو رقية اللواط والزنا، وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى، كاد به الشيطان النفوس المبطلة. وحسنه لها مكراً منه وغروراً، وأوحى إليها الشبه الباطلة على حسنه فقبلت وحيه واتخذت لأجله القرآن مهجوراً. فلو رأيتهم عند ذياك السماع وقد خشعت منهم الأصوات وهدأت منهم الحركات، وعكفت قلوبهم بكليتها عليه، وانصبت انصبابة واحدة إليه، فتمايلوا له ولا كتمايل النشوان، وتكسروا في حركاتهم ورقصهم، أرأيت تكسر المخانيث والنسوان؟ ويحق لهم ذلك وقد خالط خماره النفوس، ففعل فيها
(١) راجع شروط الانتفاع بالقرآن الكريم ص (٩ - ١١) من كتاب الفوائد لابن القيم. طبعة دار مكتبة الحياة.