قال الله - تعالى - عن وصف رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}(٥٢) سورة الشورى. وقال في موضع آخر:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(٥٦) سورة القصص. في الآية الأولى أثبت الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - الهداية، وفي الآية الثانية نفى عنه ذلك، فكيف نوفق بينهما؟
بالرجوع إلى كتب التفسير يتبين لنا أن الهداية هدايتان:
أ - هداية الدلالة والإرشاد: وهذه هي المثبتة في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو يهدي: أي يدل ويرشد ويبين الصراط المستقيم، والطرق الموصلة إليه، وكذلك القرآن الكريم، فقد قال - تعالى -: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}(٩) سورة الإسراء.
ب - هداية التوفيق والسداد: وهذه هي المنفية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن غيره فهي خاصة بالله - عز وجل - فهو وحده الذي يوفق ويسدد من يستحق إلى الهداية والصلاح.
[النموذج الثاني: أين الله؟]
قال تعالى:{أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء}(١٦) سورة الملك. {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}(٨٤) سورة الزخرف. ويقول {وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ}(٣) سورة الأنعام. في الآية الأولى ذكر الله عن نفسه أنه في السماء، وفي الآيتين الثانية والثالثة ربما يفهم البعض منهما أن الله في السماء والأرض، ومن ثم في كل مكان!
وبالرجوع إلى كتب التفسير يتضح أن الآية الأولى: تثبت عقيدة أهل السنة