(لقد تفرغ كثير من المعالجين للرقية، وقصروا أوقاتهم على القراءة على المرضى، ووسعوا دورهم واستعدوا للزائرين، ورتبوا لهم مواعيد كما تفعل المستشفيات المتخصصة تماماً، واتخذوا هذا العمل حرفة لهم، وذلك لكثرة ما يدره عليهم من دخل مادي كبير. وهذه الصورة يترتب عليها مفاسد كثيرة منها:
١ - يظن الناس أن لهذا القارئ بعينه خصوصية، بدليل كثرة زحام الناس عليه، وتطغى حينئذ أهمية القارئ على أهمية المقروء وهو كلام الله، وكل ذريعة تضعف ثقة الناس بالقرآن ينبغي أن تسد ولا تفتح.
٢ - قد يتوهم القارئ نفسه أن الشياطين تخاف منه، وتخرج من المصروعين فيظن أنه من الأولياء الأبرار ويصيبه العجب والكبر ونحو ذلك.
٣ - لقد اشتهر كثير من الصحابة بإجابة الدعاء كسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، وبعض التابعين كأويس القرني - رحمه الله - ومع هذا لم يؤثر أن المسلمين تزاحموا على أبوابهم أفواجاً إثر أفواج لطلب الدعاء مع حاجة المسلمين إلى إجابة دعائهم في صلاح دينهم ودنياهم.
٤ - إن المتفرغ للرقية على الناس فيه مشابهة بالذي يتفرغ للدعاء للناس، فالرقية والدعاء من جنس واحد، فهل يليق بطالب علم أن يقول للناس تعالوا إليّ ادع لكم!! فضلاً عن تعطيلها سنة رقية المريض لنفسه، وطلبه الشفاء من الله). (١)
(١) راجع كتاب الرقى على ضوء الكتاب والسنة ص (٧٥ - ٨٩) فإنه قد أفاض وأجاد طبعة دار الوطن.