وإذا ثبت جواز القراءة للحائض، فإنه يثبت للجنب كذلك، وأما التفريق بينهما فلا دليل عليه. وأورد الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الحيض: باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
وقال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الآية. ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأساً. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله في كل أحيانه ...
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -:
(والأحسن ما قاله ابن رشيد تبعاً لابن بطال وغيره: أن مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة - رضي الله عنها -؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف، وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة، وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء، ولم تُمْنَع الحائض من شيء من ذلك، فكذلك الجنب لأن حدثها أغلظ من حدثه، ومنع القراءة إذا كان لكونه ذكراً لله فلا فرق بينه وبين ما ذكر، وإن كان تعبداً فيحتاج إلى دليل خاص، ولم يصح عند المصنف شيء من الأحاديث الواردة في ذلك، وإن كان مجموع ما ورد في ذلك تقوم به الحجة عند غيره لكن أكثرها قابل للتأويل كما سنشير إليه، ولهذا تمسك البخاري ومن قال بالجواز غيره كالطبري وابن المنذر وداود بعموم حديث:" كان يذكر الله على كل أحيانه" لأن الذكر أعم أن يكون بالقرآن أو بغيره، وإنما فُرِّقَ بين الذكر والتلاوة بالعرف ...
وأما حديث علي رضي الله عنه:
(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحجبه عن القراءة
(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢١/ ٤٦٠ - ٤٦١) طبعة دار التقوى.