للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الافتتان بتقليد أصوات القراء، والقراءة بها في المحاريب بين يدى الله تعالى) عندئذ نقول:

١ - هذا أمر إضافي إلى التعبد في القراءة، فهذا التقليد (عبادة) ومعلوم أنه قد وجد المقتضي لهذا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعصر صحابته - رضي الله عنهم - فلم يُعلم العمل به عند أحد منهم - رضي الله عنهم - وقد عُلم في (الأصول): (أن ترك العمل بالشيء في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - مع وجود المقتضى له يدل على عدم المشروعية).

فالصوت الحسن في القراءة موجود في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورأس الأمة في هذا نبينا ورسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - فهذا المقتضى موجود، ولم يُعلم أن أحداً تقرب إلى الله بتقليد صوت النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أحد من صحابته، ولا من بعدهم، وهكذا. فدل هذا على عدم مشروعية هذا التقليد، وعُلِمَ به أن التقرب إلى الله تعالى بذلك التقليد والمحاكاة لأصوات القراء أمر مهجور، فالتعبد به أمر مُحْدَث، وقد نُهِينَا عن الإحداث في الدين.

وقاعدة الشرع: أن كل أمر تعبدي مُحْدَث فهو: بدعة وكل بدعة ضلالة، وأن الشغف والتدين بحسن الصوت فحسب، والتلذذ به، كالتدين بعشق الصور، فهما في الابتداع والتحريم سواء.

بل يضاف إلى المحاكاة للصوت الحسن، وأن فيها نوع تبعية مُذلة، والشرع يبني في النفوس: العزة، والكرامة، وترقية العقول، واستقلالها، وتمحض متابعتها لهدي النبوة لا غير.

٣ - والشرع يدعو إلى تحسين القارئ صوته، وهذا أمر مشروع في حق مَنْ يملكه، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وتطلبه بالتقليد والمحاكاة، تكليف بما لا

<<  <   >  >>